ما جديد كامب ديفيد؟
ربما أهم ما انتهت إليه قمة كامب ديفيد منذ ما قبل انعقادها هو رسائلها السياسية من الجانب الخليجي، لكن هل هناك تغييرات فعلية من الجانب الأمريكي؟ الولايات المتحدة كانت تسعى من خلال القمة إلى طمأنة الحلفاء بشأن محادثاتها مع إيران، وذلك بعد تعبير القلق وردود الفعل الخليجية التي تعالت أخيرا حول الاتفاق النووي الأمريكي ـــ الإيراني، إضافة إلى محاولة الإدارة الأمريكية كسب تأييد الكونجرس. فما جرى في القمة هو "حرفيا" إعادة صياغة ما كان يجري بالفعل، وإعادة التأكيد على الأعمال المشتركة القائمة. ليس ثمة شيء جديد سوى المزيد من التعاون العسكري التقني والظرفي، أكثر منه التعاون الأمني الاستراتيجي من الجانب الأمريكي. ولم تكن التوقعات على أي حال، تتضمن تبديد اختلاف وجهات النظر أو الهواجس أو حتى الخلافات. بل حتى إنه لم تكن ضمن التوقعات أن توحد وجهات النظر بشكل مفصل حول القضايا المختلفة في المنطقة. لكن أهم ما انتهت إليه هو أمران، أولهما مسألة توحيد الرأي الخليجي تجاه أمنه والمواقف الأمريكية الجديدة في المنطقة، والآخر إمكانية تطوير الشراكة الاستراتيجية الأمريكية ـــ الخليجية.
البيان الختامي أكد التزام الطرفين الخليجي والأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية، وشدد على أن واشنطن ستستخدم القوة العسكرية للدفاع عن شركائها الخليجيين، إلى جانب التزام الطرفين الخليجي والأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية. وما عدا الاتفاقات الأمنية التقنية العامة، ليس واضحا حتى الآن التفاصيل الأخرى للاتفاق، وما عناصرها وشروطها، سواء حول الملف النووي الإيراني، أو حتى تصورات أخرى حول طبيعة التصدي الأمريكي ـــ الخليجي لتدخلات إيران في المنطقة.
لم يقدم البيان بطبيعة الحال جديدا في موقف الأطراف سوى ما هو معروف سلفا. ومن جديد، الاتفاق على أن الحلول في المنطقة يفترض فيها أن تكون سياسية لا عسكرية بحسب البيان، هو ــــ البيان ــــ الذي ربما كان المحور الرئيس في هذه القمة القصيرة التي لم تتجاوز يوما ونصف اليوم. وقصر الوقت نفسه يعطي دلالة على الاهتمام بالمخرج دون التفاصيل الحرفية.
والبيان المشترك، بحسب حوار العربية مع أوباما أخيرا، هو بمنزلة "اتفاق مكتوب". لكن هل يتضمن الدفاع العسكري المذكور مسألة القلق من السياسات الإيرانية الإقليمية؟ يقول أوباما "عندما نتحدث عن ضرورة أن تكون لدينا قدرات مشتركة للتصدي لزعزعة الاستقرار الإقليمي الذي تنفذه إيران، فإن هذه القدرات ترتبط مباشرة بالمخاوف من سياسات إيران. ومن أفضل الأمثلة، هو الحيلولة دون تزويد إيران الحوثيين في اليمن بالأسلحة". ويقول "لقد تشاورنا وعملنا مع القادة بخصوص جملة من التحديات الإقليمية. ولكن أعتقد أن الوقت قد كان ضيقا، وأقصر من أن نتمكن خلاله من الظهور كمجموعة، للحديث وجها لوجه حول كل قضايا الاهتمام المشترك، وبعد ذلك لصياغة خطط محددة للغاية، يتعين علينا معالجتها سوية. وهكذا فالبيان المشترك الذي أصدرناه، عكس في رأيي، مجموعة واسعة من المواضيع التي تمت مناقشتها". لذا فقد تكون التفاصيل هي المحور القادم للعلاقة الاستراتيجية بين الطرفين الخليجي والأمريكي.