«التعاون الإسلامي» في دبي
كعادتها السنوية، احتضنت دبي المنتدى الإعلامي العربي في دورته الـ 15، يتصدره في الحضور الشيخ محمد بن راشد وأبناؤه، بمعية الوجه الإعلامي السعودي الشهير الوليد البراهيم، هو الذي أصبح علامة فارقة سعودية في دبي. وكعادة الإعلاميين السعوديين كل عام، يكرر كثير منهم مفردات الأسف ألا يوجد منتدى إعلامي سعودي حتى الآن، رغم التصدر الإعلامي للسعودية في المنطقة بكفاءاتها البشرية وأجهزتها ومحطاتها العربية ومثقفيها وما إلى ذلك. ربما يبدو تذمرهم مبررا، إلا أن المنطق يقول إن الموقع له دوره الكبير في إضافة النكهة الملائمة لأجواء منتديات واحتفاليات إعلامية كهذه. رغم كل ما ذكر إلا أن قيمة المؤتمرات تأتي بقيمة المساحة المفتوحة لها. لا تأتي دبي بجديد حين نتحدث عن الريادة. ودائما ما كنت أقول إن دبي تحصل على دعاية مجانية مكثفة مستمرة من السعوديين. وربما لأن دبي دعايتها كما نقول في العامية "منها وفيها"، إلا أن رغبة الكثيرين في نموذجية دبي يجعلهم يمعنون في التغني بها ويستخدمونها كأداة للمقارنة والتوبيخ. كتب السعوديون مئات المقالات عن دبي وشيخها، وآلاف التغريدات التويترية، بما يوازي حملة علاقات عامة وتسويق ضخمة ربما كانت لدفع مئات الملايين فيها. لا شيء معجز في دبي إلا أنها "جارة" ومرة أخرى منا وفينا، لأن الناس يقارنون أنفسهم عادة بالأقربين، وربما لو كانت في بقعة أخرى من هذه الأرض لخفت الانبهار.
كان اختيار إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في الافتتاح الرسمي للمنتدى اختيارا موفقا جدا ومتزامنا مع الأوضاع والأحداث في المنطقة. تحدث مدني في كلمة افتتاحية تلتها جلسة حوارية رئيسة تحت عنوان "صورة الإسلام والمسلمين"، قال خلال ذلك جملا عميقة تصلح جميعها لعشرات المانشيتات الصحافية. ما يبدو مميزا ربما أن منظمة التعاون الإسلامي منظمة شبه غائبة عن الساحة، منظمة مجهولة الأدوار للكثيرين حتى قال مدني "المنظمة ليست جهة دعوية، ولا دينية، بل سياسية، وعلى أهميتها، فهي قناة ومنصة، وليست لديها عصا سحرية للوقوف أمام هذا السيل من التشكيك والهجوم على الإسلام!". كانت سوسن الشاعر مديرة الجلسة الإعلامية البحرينية تكرر سؤالها على الأمين العام بإلحاح "وما دور المنظمة..؟"، والأمين العام يصر على الرسائل التي يريد توجيهها بنفسه، هو المتحدث المتمكن والخطيب المنطلق. قال مدني الكثير في جلسة وكلمة واحدة مثل وجود حاجة ماسة في الوقت الراهن إلى إيجاد مقاربة جديدة، عمادها اقتناع دول المنطقة العربية والإسلامية بوجود حد أدنى من المصلحة المشتركة، الاقتصادية والسياسية "يجب أن يبنى على أساسه نوع من التعايش، وأن تحقيق ذلك يحتاج إلى بناء مؤسساتي تدعمه منظمات المجتمع المدني، وتحركه عقول تنتهج ممارسات وأفعالا متوازنة على مستوى الفرد والمجتمع".
منظمة التعاون الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم (57) دولة إسلامية، وتعتبر الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، إلا أنه لا يعرف الكثيرون عن "منظمة التعاون الإسلامي"، وماذا تفعل طوال العام، وما دورها في كل هذا الصراع العالمي والإسلامي وما يتخلله من إرهاب باسم الإسلام، وأين أبحاثها ودراساتها، ولماذا وصولها الإعلامي ضعيف؟ أسئلة كثيرة ظهرت مع الحضور القوي لأمينها العام في دبي!