الإدارة الرشيدة في قطاعنا الحكومي
في بلد مترامي الأطراف كالمملكة يوجد جهاز خدمة عامة كبير جدا. زيادة حجم هذا الجهاز تؤدي إلى ترهل إداري قد يتسبب في إيجاد معوقات تبطئ من عجلة التنمية الشاملة، إضافة إلى ما يعانيه الجهاز الحكومي في كثير من الدول النامية من بطالة مقنعة تتسبب في كثير من الأحيان في عرقلة التنمية دون قصد. الهرم الإداري الذي تتكون منه كثير من وزاراتنا الخدمية بأفرعها وتشعباتها يؤدي كثيرا إلى عرقلة وتأخير العمليات اليومية ويُشعب دائرة اتخاذ القرار، ما يدعو إلى الاتكالية في صناعة القرار. وجود عدد كبير من اللجان والمجالس التي تصنع القرارات أيضا يعد سببا في قتل موضوعات مهمة وتأخيرها ما يفقدها الأهمية والأثر، إضافة إلى عدم وجود مجلس أعلى لاكتشاف أوجه التضارب والسعي لحلها وتنسيق الجهود المختلفة لتصب في بوتقة واحدة تهدف إلى تقليل دوران الموضوعات وتسريع اتخاذ القرار.
كل هذه المشكلات يعانيها الجهاز الرسمي في كثير من دول العالم النامية دون أن يشعر. في المملكة النظرة اختلفت كثيرا، فبعد صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإلغاء 12 مجلسا واختصارها في مجلسين أحدهما مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يضم في عضويته أكثر من 20 وزيرا برئاسة ولي ولي العهد، يهدف المجلس إلى رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق تفاديا للازدواج وتحقيقا للأهداف المرسومة بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات، وبما يواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت في مختلف المجالات.
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هو التطبيق الفعلي لممارسات الإدارة الرشيدة أو ما يعرف بحوكمة القطاع العام التي تدعو لوجود أنظمة فعالة، ومحاربة الازدواجية في صنع القرار، وإيجاد تكامل بين الجهات العليا في صياغة القرارات وحل التعارضات بعيدا عن كثرة اللجان، والرؤى الضيقة لمختلف المسائل. المجلس بوضعه الحالي يعد أداة فاعلة لقياس الأداء العام، وتنسيق الجهود وتذليل الصعاب. كما يخضع المجلس لإدارة مطلعة وقادرة على صنع قرارات استراتيجية تسهم في حل كثير من عيوب العمل في القطاعات العامة.
المجلس يسعى إلى زيادة تفعيل ممارسات الشفافية والإفصاح للقضاء على فرص الفساد وتعارض المصالح بين الأطراف المختلفة، والاستفادة من أدوات الرقابة الموجودة من خلال تفعيلها لتقوم بالدور المساعد المراد لها أن تقوم به، ومن ذلك تفعيل قرار مجلس الوزراء الصادر في عام 1428هـ الذي تضمن اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة لتأكيد استقلالية أنظمة الرقابة الداخلية. تفعيل هذا القرار سيؤدي إلى المحافظة على الأموال العامة والتحقق من تنفيذ الخطط والبرامج المرسومة وتحقيق الأداء الفعال.
وفق الله الجميع.