رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إيران الفارسية .. تغتصب الخليج العربي

من أهم المكاسب التي تمخضت عن "عاصفة الحزم" التي شكلتها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي .. هو القرار الذي اتخذته القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ في عام 2015 بوضع قرار الدفاع العربي المشترك ــ الذي صدر في عام 1950 عن مجلس الجامعة العربية ــ موضع التنفيذ الفوري.
ورغم أن هذا القرار قد صدر عن مجلس جامعة الدول العربية قبل نحو 65 عاما إلا أنه ظل حبرا على الورق ولم يرَ النور إلا في عام 2015.
ومن أجل وضع القرار موضع التنفيذ اتخذت القمة العربية قرارا بتشكيل لجنة من رؤساء أركان 16 جيشا عربيا لوضع آليات تنفيذ قرار الدفاع العربي المشترك، من خلال تأسيس قوة عسكرية عربية مشتركة تتولى حماية مكتسبات الأمة والدفاع عن الحقوق المشروعة للدول العربية ضد أي عدوان خارجي، يستهدف تعريض أمن وسلامة الدول العربية للخطر.
إن الوجود الفارسي في أربع عواصم عربية صنعاء وبغداد وبيروت ودمشق يعتبر انتهاكا صارخا لمبادئ السلم والأمن الدوليين، كما أنه يعتبر تهديدا مباشرا ضد سيادة واستقلال هذه الدول، كذلك فإن دعم المنشقين للخروج على الشرعية في أي دولة عربية يعتبر خروجا على مبادئ الأمن والسلم الدوليين وانتهاكا فاضحا وصريحا ضد قوانين المجتمعين الدولي والعربي.
ومن هنا جاءت مبادرة المملكة العربية السعودية ودول الخليج بتشكيل "عاصفة الحزم" للقيام بعمليات عسكرية تستهدف إعادة الشرعية إلى اليمن، وتمنع التجاوزات والتهديدات التي قام بها الحوثيون في اليمن ضد الحدود الدولية للمملكة العربية السعودية.
إن دعم إيران للحوثيين ضد الحكومة الشرعية، وكذلك إثارة القلاقل في عواصم أربع دول عربية مع احتلال ثلاث جزر للإمارات (طنب الكبرى والصغرى وأبي موسى) مع مواصلة التهديد المستمر لمملكة البحرين ودولة الكويت يعتبر تهديدا صريحا وواضحا لسيادة هذه الدول العربية، التي يحميها القانون والمجتمع الدولي والعربي، وكذلك تهديد إيران المستمر لدول الخليج بحجة إطلاق اسم الخليج العربي على الخليج الفارسي...
كل هذه المواقف الإيرانية العدائية ضد الأمة العربية .. يستدعي من الدول العربية اتخاذ كل الوسائل المشروعة من أجل حماية أمنها وسيادتها واستقلالها ضد التهديدات الفارسية السافرة والمستمرة.
إن للعرب تاريخا حضاريا تمتد جذوره إلى آلاف السنين، وهم ينقسمون في الأصل ــ عند كثير من النسابين ــ إلى عرب بائدة وعرب عاربة، والعرب البائدة يتمثلون في عاد وثمود والعمالقة وجرهم الأول وطسم وجديس ....
ورغم أن المؤرخين اختلفوا في العرب البائدة، إلا أنهم اتفقوا على العرب العاربة، ويركز النسابون العرب على الجدين الكبيرين للعرب، وعلى الفرعين اللذين نشآ عنهما، فأولاد قحطان يدعون العرب العاربة أو العرباء، وأما أولاد عدنان فهم العرب المتعربة أو المستعربة، والقحطانيون هم العرب الذين يرجع أصلهم إلى الناحية الجنوبية الغربية للجزيرة (اليمن)، في حين إن العدنانية هم العرب الشماليون (شمال الجزيرة العربية).
وهذا الوجود العربي المبكر في الجزيرة العربية والخليج العربي الذي يسبق الوجود الفارسي بآلاف السنين .. يدحض الزعم الإيراني بأن الخليج فارسي وليس عربيا.
لقد كانت الجزيرة العربية منذ آلاف السنين هي الوطن الدائم لهذه الشعوب العربية، وهي بمناخها ووضعها الجغرافي كونت البيئة الطبيعية لها، وطبعت بدايات حضاراتها بطابع متماثل، وتأثير البيئة الطبيعية أساسي، خاصة في الفترات الأولى من التكوين الحضاري، وهذه الشعوب كونت الحضارات الأولى في البلاد الخصيبة إلى الشمال، وبقيت لغات من خرج من الجزيرة متماثلة الأصول ومتقاربة، ولم يغب هذا المفهوم عن المفكرين المنصفين عرب وفرس، فقد أشار المسعودي إلى وحدة الأصول واللغة، حيث أكد أن أمة واحدة سكنت العراق والشام والجزيرة الفراتية والجزيرة العربية، وأن الشعوب الآشورية والبابلية والآرامية والعربية هي (الكلدانية)، وإن لسانها كان واحدا وإن العربية من أقربها إلى الأصل.
إن كثيرا من القبائل العربية كانت تسكن بلاد الشام قبل الفتح الإسلامي بآلاف السنين، فالكنعانيون هم من جذور عربية، والأنباط من العرب العدنانية الذين هاجروا إلى فلسطين وأطراف الجزيرة منذ سنة 500 قبل الميلاد، وسكنوا حول البحر الميت، والعموريون سكنوا العراق، ومنهم إبراهيم الخليل -عليه السلام-.
هذه الحضارات العربية وهذا الوجود العربي الواضح في شبه الجزيرة العربية وفي الخليج العربي سبق الوجود الفارسي بمئات السنين بل بآلاف السنين.
ولو عدنا إلى القرآن الكريم نقرأ آياته البينات، لألفينا أن القرآن الكريم عربي: "إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون"، وقوله -صلى الله عليه وسلم- "إذا ذل العرب ذل الإسلام، وحب العرب إيمان وبغضهم نفاق"، وقوله -صلى الله عليه وسلم- "أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي"، يقول -صلى الله عليه وسلم- وهو يعتلي المنبر "أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي".
يقول مؤسس المملكة العربية السعودية ورائد وحدتها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- "أنا عربي ومن خيار الأسر العربية ولست متطفلا على الرئاسة والملك، أنا عربي وأحب قومي والتآلف بينهم وتوحيد كلمتهم، ولا أتأخر عن القيام بكل ما فيه المصلحة للعرب وما يوحد أشتاتهم ويجمع كلمتهم"، وفي خطاب آخر ألقاه أمام شعبه في مكة المكرمة قال "إنني على استعداد لأن أكون كجندي بسيط أجاهد في سبيل العرب وتوحيد كلمة العرب وتأسيس الوحدة بين العرب".
إن الوحدة بين العرب ليست تصورا بلا شرعية تاريخية، ولسنا أمة بلا تاريخ، ولسنا مجتمعا بلا حضارة، ولسنا نبتا حديثا يتسول على الأمم الأخرى، وإنما نحن أمة ذات حضارات، وآخرها الحضارة الإسلامية العريقة التي تتلمذت عليها حضارات قديمة وحديثة، ومنها الحضارة الفارسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي