رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مدى فاعلية الخطاب الديني في تقدم المجتمعات ورقيها

على الرغم من التحسن الكبير في أداء ومحتوى الخطاب الديني، خاصة خطب الجمعة والمحاضرات الدينية العامة، فإن الطريق لا يزال طويلا لتحقيق الطموحات وزيادة الفاعلية في إصلاح المجتمع والنهوض به. جمعني أحد المجالس بنخبة من المثقفين الذين يحملون هموم المجتمع ويحرصون على تقدمه وأمنه. وكان هناك شبه إجماع على أن خطب الجمعة على وجه الخصوص لا تزال بعيدة عن هموم المجتمع، وينقصها التشويق والعناية باختيار الموضوعات المناسبة للرقي بالمجتمع في تعاملاته وممارساته وقيم العمل وأخلاقياته.
نعيش في الوقت الحاضر تغيرا اجتماعيا كبيرا في نمط الحياة، لا يستثني العلاقات الاجتماعية على كل المستويات، التي تعرضت – هي على وجه الخصوص - للتغير والتشكل نتيجة التقدم التقني الهائل في التواصل الاجتماعي والتعاملات الاقتصادية الذي قزم – بدوره - العالم على امتداد أطرافه شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وجعله قرية كبيرة، فما يحدث في اليابان على بعد آلاف الكيلومترات يصلنا في اللحظة نفسها التي يصل بها إلى مواطن ياباني لا يبتعد عن الحدث عدة كيلومترات.
فالمحاضرة أو الخطبة التي تلقى في مدينة صغيرة في شمال المملكة أو جنوبها لم تعد تسمع وتنسى بعد عدة أيام أو شهور، بل يمكن أن تسجل وتنتقل بسرعة البرق إلى كل أرجاء الأرض، وهذا يستدعي الحذر وتحمل مسؤولية الكلمة مكتوبة أو مسموعة.
هناك من يعتقد أن خطب الجمعة والمحاضرات الدينية العامة لا تثير اهتمام معظم الناس، كونها لا تتناول موضوعات تتناغم مع معطيات العصر وقضايا المجتمع عموما والمجتمع المحلي خصوصا، ولا تعالج قضايا الساعة، ولا تولي اهتماما كافيا بقضايا الشباب ولا تتناولها بأسلوب عصري جذاب؛ فالخطبة لا تعالج قضايا مهمة وحاسمة مثل: سلوكيات الشباب ومستقبلهم، ولا تتناول صعوبة تربية الأبناء في عصر متغير، ولا تناقش – بموضوعية – إمكانية استغلال بعض حلقات الدروس الدينية في المساجد استغلالا يتنافى مع أهدافها.
ولا يقل عن ذلك أهمية ضرورة الاهتمام بتعزيز مبدأ احترام الآخرين في الحوارات والمناقشات، وغرس القيم المتعلقة بإعطاء الطريق حقه من حيث إماطة الأذى عنه، وعدم رمي الفضلات والمخلفات من نوافذ السيارات، وكذلك إعطاء الأولوية لمن يستحقها – نظاما - سواء من المارة أو أصحاب المركبات المتحركة في الشارع، إلى جانب ضرورة المحافظة على الممتلكات العامة، وغرس مفهوم العطاء والعمل التطوعي في نفوس الناشئة وغيرها كثير.
يقفز أحد الحضور ويعترض قائلا: كيف تطالبون من هؤلاء مناقشة قضايا متشعبة ومتغيرة، وهم لا يعرفون إلا القليل عن المجتمع على الرغم من معرفتهم الجيدة بالعلم الشرعي، ويزيد قائلا إن بعضهم غير مؤهل لمناقشة موضوعات اجتماعية متنوعة.
من هذا المنطلق، أقترح تأسيس برنامج علمي تدريبي مكثف لخطباء مساجد الجمعة، ينظم بشكل دوري في جميع مناطق المملكة، ومن المهم أن تشرف على تنفيذه الجامعة الرئيسة في كل منطقة إدارية، ويهدف إلى تدريب خطباء الجمعة على فنون الخطابة وتطوير مهارات الإلقاء، ويثقفهم ويزيد من إدراكهم بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والحقوقية والسياسية وغيرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي