نبايع المحمدين .. على السمع والطاعة
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمس، مجموعة من الأوامر الملكية المهمة، يأتي على رأسها في الأهمية تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد خلفا للأمير مقرن بن عبدالعزيز، الذي طلب إعفاءه من مناصبه التي كان يتقلدها بحكم ولايته للعهد.
وكعادته كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حكيما في قبول طلب الإعفاء، وحكيما في تعيين الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، حيث إنه شرح أسباب قبول الإعفاء، وبرر قرار تعيين الأمير محمد لولاية العهد، كذلك كانت الحكمة سيدة الموقف عندما عين خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليا لولي العهد، بناء على ترشيح من الأمير محمد بن نايف ولي العهد. كما أنه عول ــ في كل الخطوات ــ على الأنظمة الشرعية والمرعية، وأولها النظام الأساسي للحكم ونظام هيئة البيعة، ثم طلب من الأهالي مبايعة الأميرين محمد ومحمد حتى يكسبا شرعية المبايعة.
والواقع إن تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في ولاية العهد ينهي جدلا كان مكان أحاديث الدواوين والأندية، بل كان حديث المراقبين السياسين المهتمين بالشأن السعودي، إذ إن تعيين الأمير محمد بن نايف ينقل الملك إلى أبناء أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله، بعد أن تداوله ــ بنجاح منقطع النظير ــ أبناء الملك عبدالعزيز وهم سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله يرحمهم الله وسلمان أطال الله في عمره.
إن الأوامر الملكية التي صدرت أمس تؤكد أن المملكة العربية السعودية تمارس وظائفها من خلال رواسخ الاستقرار التي أرساها مؤسس هذه المملكة الفتية منذ 113 عاما ميلاديا.
ونلاحظ في التشكيل الموفق الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمس، الكثير من التوفيق والحكمة وسداد الرأي، وبالذات فيما يتعلق بالأمر الملكي بتعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز لولاية العهد، إضافة إلى الاحتفاظ بوزارة الداخلية، وكذلك الأمر الملكي بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، إضافة إلى وزارة الدفاع.
والواقع أن اختيار الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان جاء اختيارا موفقا أساسه الكفاءة والإلماعية اللتان يتمتعان بهما، ولا نستغرب ذلك، فالأميران يتحدران من شجرة طيبة، وبيت آل سعود ليس غريبا أن يفرز القيادات، فهذا البيت منذ المؤسس الإمام محمد بن سعود حتى الملك عبدالعزيز، وأبنائه الملوك البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلمان، قدم للجزيرة العربية قيادات جنبت الجزيرة الكثير من الحروب الطاحنة ونشرت الاستقرار والسلم وعمرت البلاد والعباد حتى أصبحت الجزيرة العربية الآن واحة ينتشر فيها البناء والتعليم والتعمير والتنمية.
وإذا تأملنا شخصية الأمير محمد بن نايف نلمح الذكاء، ويتميز بنظرات تبدو وكأنها مسافرة دائما إلى المستقبل البعيد، ولذلك فإن شخصيته توحي لنا بأنها تتمتع بألماعية وبعد نظر، وإنها شخصية تتميز بقدرتها على وضع الأمور في نصابها، وإنها شخصية صاحبة حلول غير تقليدية، ويكفينا في هذا الصدد أن نشير إلى مشروع المناصحة للقضاء على الإرهاب، وهو المشروع الابتكاري الذي قدم للعالم "روشتة" سحرية للقضاء على الإرهاب عن طريق إعادة بناء فكر الشباب لا عن طريق استخدام القوة والعنف. وعن مدرسة الأمير محمد بن نايف في محاربة الإرهاب تحدثت الصحف الغربية طويلا وامتدحت المنهج الذي استنه، والذي استطاع من خلاله أن يجهض الإرهاب في المملكة العربية السعودية.
أما شخصية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز فهي تعطيك ارتياحا غير عادي، كما أنها تتميز بأنها شخصية صاحبة قرار، وبالذات بالنسبة للقرارات المصيرية، وأنها شخصية تتسلح بقدرات فذة في الإقناع، ولذلك فإنه من الشخصيات الماهرة في فن المباحثات والمحادثات، وهو إضافة إلى ذلك شخصية قانونية يحرص على تقنين القضايا حتى تحقق الأهداف وتكتسب النجاح، وما لا يعرفه الكثيرون عن الأمير محمد بن سلمان أنه صاحب خبرات مديدة في مؤسسة الحكم، فقد شغل منصب مستشار في هيئة الخبراء، ثم شغل منصب مستشار ومشرف على مكتب ولي العهد، ثم صدر أمر ملكي باعتباره وزير دولة وعضوا في مجلس الوزراء، ثم صدر الأمر الملكي بتوزيره على وزارة الدفاع ورئيسا للديوان الملكي ومستشارا خاصا لخادم الحرمين الشريفين، وأخيرا وليس آخرا وليا لولي العهد ووزيرا للدفاع.
إزاء ذلك لا نستغرب هذه الخصال في الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، ولكن الجديد هو قرار الاكتشاف والاقتناص، اقتناص المحمدين من بين الكفاءات العديدة في قائمة طويلة من شباب ناضج وموهوب تتميز بهم شجرة بيت آل سعود العامر والمعمر.
إن الأمر الملكي بتعيين الأمير محمد بن نايف وليا للعهد هيأ المملكة لمرحلة جديدة من مراحل انتقال السلطة بسلاسة وسيولة، حسم الرهان الذي كان يراهن عليه المغرضون، أما تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد فيؤسس لمرحلة جديدة من مراحل تكريس الاستقرار في السلطة الأعلى لنظام الحكم في مملكة مقبلة على عصر جديد مليء بالتحديات، وفي هذا إضفاء مزيد من الاستقرار والثبات لهذه المملكة التي جمعت بين العلم والإيمان.
باختصار نستطيع القول إن المحمدين سبيكة ذهبية سعودية إنسانية عظيمة امتزجت فيها التربية بالعلم والأخلاق والوطنية والقيادة.
وخلاصة القول إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز جدد تأسيس المملكة العربية السعودية، وأحاطها بكثير من الدعامات والأسس الكفيلة باستمرارها وتكريس استقرارها.