رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التقاعد القانوني غير التقاعد حقيقة

أحيل الآلاف على التقاعد الحكومي من بداية هذا الشهر الهجري رجب، وأصبح اسمهم الوصفي أو القانوني متقاعدين. أما الحكم بأنه، أي المتقاعد، ما زال قادرا على الإنتاج أو انتهى عمره الإنتاجي فقضية أخرى، تقررها حالة وظروف المتقاعد وليس النظام. فقد تستمر القدرة الإنتاجية للمرء سنوات بعد التقاعد النظامي، بل قد تمتد إلى الثمانينيات من العمر، فضلا من الله.
وتأكيدا، يحث ديننا السمح على العلم من المهد إلى اللحد، وعلى العمل مدى الحياة؛ لأنها قصيرة جدا بالنسبة لحياة المؤمن في الدار الآخرة، ثم إنها مزرعة للآخرة. ينبغي أن تكون حياة المؤمن كلها عطاء، وكلما طال العمر ازدادت الخبرة، والإحالة على التقاعد القانوني لا تعني إحالة على التقاعد حقيقة. ولعل التفكك من قيود الرسميات مساعد على الفكر وشحذ الهمم وعلى توفير وقت لأداء أعمال نافعة للمجتمع، لا لأجل مصلحة دنيوية فقط، بل لعمل تبقى آثاره وينفع صاحبه في أخراه.
من المهم التذكير بأن العمر التقاعدي الحكومي "60 سنة بالهجري"، يعادل نحو 58 سنة ميلادية، وفي هذه السن لا يزال المرء غالبا قادرا على العطاء وما زال يملك قوة إنتاجية، ولولا ذلك لما كان سن التقاعد "الحكومي" في عموم ما يسمى الدول المتقدمة، وفي مؤسسات القطاع الخاص "في المملكة وغير المملكة" يتجاوز 58 سنة بسنوات، قد تبلغ أو حتى تتجاوز خمس سنوات. ومن ثم يطالب البعض بزيادة العمر التقاعدي، خاصة مع شدة اعتمادنا على الغير، لكن هذه النقطة خارج نطاق المقال.
في المتقاعدين ثروة من المعرفة والخبرة، يمكن استثمارها في العمل التنموي وغير التنموي. ويبقى على المتقاعد تقييم وضعه والجد في البحث عن الفرص للاستفادة من وقته، بدلا من الكسل والملل، وقوعا تحت وهم فوات قطار الشغل.
لكن أهمية الحصول على عمل تتفاوت بين شخص وآخر، فهناك كثير من المتقاعدين من ذوي الدخل المنخفض، يقابله زيادة أعباء الحياة عليهم، وأن يساعدهم المجتمع على الحصول على عمل خير من بقائه مسكينا، وخير من إعطائه مالا على سبيل أو بما يشبه الصدقة. وهناك أشخاص لديهم خبرات كبيرة لا بد من الاستفادة منها، وبين هذين النوعين حالات وأنواع.
وإذا كان الشخص المتقاعد يتمتع بتأهيل وخبرات متميزة أو مكلفا بتكوينها، فالمجتمع خاسر أكثر من الشخص عند عدم الاستفادة منه. ولذا أرى أنه ينبغي تطوير النظام القائم بما يتيح إمكان الاستفادة من المتقاعد نظاما عدة سنوات، براتب يشابه راتب موظف قبيل تقاعده، دون مساس براتبه التقاعدي. على أساس أن الجهة المستفيدة لا شأن ولا علاقة لها بصرف الراتب التقاعدي.
هل أدعو إلى تطبيق المقترح السابق على كل المتقاعدين؟ طبعا لا. التطبيق يتركز على المهن والوظائف التي يكثر فيها الاستعانة بغير سعوديين.
على سبيل المثال، أساتذة الجامعات السعوديون يمثلون نسبة ليست عالية من منسوبي الجامعات، لا سيما أن هناك جامعات حكومية جديدة وهناك كليات وجامعات أهلية أيضا، والأستاذ الجامعي يصبح في قمة نضجه الفكري في الخمسينيات والستينيات. وينطبق الكلام على مهن أخرى كالمهن الصحية والهندسية والمالية.
في نطاق الحديث السابق، سيثار سؤال: أيهما أولى بالعمل: العاطل أم المتقاعد؟ مبدئيا، العاطلون عن العمل أحق بالوظائف من المتقاعدين، لكن يجب أن نفرق بين المتقاعد، وهو في أوائل الستينيات وغير المتقاعد في السبعينيات، والمتقاعد من ذوي الدخل المنخفض غير المتقاعد من ذوي الدخل فوق المنخفض. والمتقاعد من ذوي الكفاءة والخبرة غير قليل المهارات. هناك كفاءات كثيرة متقاعدة ينبغي الاستعانة بها في مجالات عدة حكومية وغير حكومية. خاصة مع النقص الواضح في المؤهلين في تخصصات كثيرة.
ولكن نجاح الاستعانة بأولئك معتمد على عوامل من أهمها قدر ما يعطونه من مقابل. وأرى حاجة إلى تطوير النظام القائم في توظيفهم. وقد طرحت في المقال مقترحا في هذا التطوير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي