يجب التشهير بالمسربين

أسهم الجهل وقلة الوعي وعدم الإحساس بالمسؤولية لدى البعض من موظفي الدولة أو المواطنين، في انتشار ظاهرة تصوير ونشر وثائق الدولة الرسمية من مستندات وبرقيات وتعاميم سرية ونشرها عبر "الإيميل" ووسائل التواصل الاجتماعي و"واتساب".
تلك الظاهرة لم تكن وليدة اللحظة أو الأيام القليلة الماضية، بل هي قديمة، وأسهم في تناميها في الآونة الأخيرة عدم تطبيق القوانين الرادعة الكفيلة بالحد منها والقضاء عليها، على الرغم من إقرارها منذ سنوات.
تلك الظاهرة خطيرة وضارة ويمكن أن تلحق ضررا كبيرا بالدولة وبالمجتمع أيضا، خاصة في مثل هذه الأيام، التي تمر فيها البلاد بحالة "حرب" تحتاج إلى تكاتف الجميع، وتعاضدهم ووقف كل ما يضر بالبلد. لا يمكن أن تقع مسؤولية حماية البلد واستتباب الأمن في أرجائه كافة على عاتق رجال الأمن أو القوات المسلحة وحدهم، بل للمواطن دور كبير في الإسهام في ذلك، فهو رجل الأمن الأول والقادر على تقوية الجبهة الداخلية ورفع مستوى تماسكها من خلال الامتناع عن نشر كل ما يضر بالبلد، وفي مقدمتها تسريب الوثائق أو تصوير تحركات القوات المسلحة أو بث الشائعات الضارة، التي تربك الناس وتضر بالوطن.
البداية غالبا ما تكون من شخص جاهل عديم الأمانة والضمير استغل موقع عمله، واطلاعه على وثائق الدولة وأسرارها، فقام بعملية التصوير "خلسة" ومن ثم الإرسال والنشر، وهذا الشخص لا شك لا يمكن اعتباره عدوا للوطن ولكن جهله جعل منه وسيلة ومدخلا قد يلج منه "الأعداء" للإضرار بالوطن واستغلال تلك البرقيات والتعاميم الرسمية المسربة والتحرك من خلالها.
الجهات الرسمية تحركت منذ سنوات للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها، وحذرت من التصوير والتسريب وهددت بعقوبات تصل إلى السجن 20 عاما أو الغرامة بمليون ريال أو بكلتا العقوبتين، ولكنها مع الأسف لم تطل مسربا واحدا أو أنها طالت البعض ولكن لم يعلن عنها. وضع قانون ومحاذير تجاه المسربين أمر جيد ولكن عدم تطبيقه يلغي الفائدة منه، وإن طبق ولم يعلن عنه أو يشهر بمرتكبي جريمة التسريب أيضا يفقد النظام قوة "الردع"، فالتشهير بالمسربين وإعلان العقوبات تجاههم هو أقوى رادع لأقرانهم وأكبر تحرك للحد من تلك الظاهرة واجتثاثها من جذورها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي