رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الصين .. طموحات رائد الطاقة المتجددة

تتوسع أنظمة الطاقة المتجددة في الصين بصورة أسرع من الوقود الأحفوري والطاقة النووية. حيث تقود الصين العالم في إنتاج واستخدام توربينات الرياح، والخلايا الشمسية الضوئية، وتقنيات الشبكة الذكية، وتولد من طاقة الماء والرياح والطاقة الشمسية ما يماثل إجمالي إنتاج محطات توليد الطاقة في كل من فرنسا وألمانيا معا. وقد تضاعف إنتاج الخلايا الشمسية في الصين 100 ضعف منذ عام 2005.
ولقد أصبح اعتلاء الصين قمة إنتاج الطاقة في العالم أمرا معترفا به. ومع تنامي حجم التصنيع الصيني تراجعت تكاليف أجهزة الطاقة المتجددة، وقد لعبت الابتكارات دورا مهما في ذلك، ولكن المحرك الرئيس لخفض التكاليف كان التوسع السوقي. وحاليا تتبع كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية مسارات مماثلة للصين. وباختصار يمكننا الآن أن نقول: يمكن لعالم الصناعة أن يساير جهود التخلص من الكربون.
إلا أن عديدا من البلدان لم ينتبه لذلك بعد. فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينتهجان سياسات عكسية، مثل زيادة التعريفات التجارية على الألواح الشمسية الصينية المستوردة. إن تقييد التجارة العالمية في أجهزة الطاقة المتجددة لن ينجح سوى في إبطاء معدل انخفاض التكلفة، وفي إبطاء معدل تراجع العالم عن استخدام الوقود الأحفوري.
ونتيجة لذلك كان تبني الطاقات المتجددة على الصعيد العالمي أبطأ من أن يحد من غازات الاحتباس الحراري بشكل جدي، حيث يعالج تغير المناخ. وعلى مدار 15 عاما فشلت الدول في الوفاء بالتزاماتها تجاه الحد من الكربون بموجب بروتوكول كيوتو، حيث أعاقتها المصالح الخاصة لعالم صناعة الوقود الأحفوري والمخاوف من ارتفاع تكلفة البدائل.
ويحتاج أسلوب تناول الطاقة المتجددة إلى تغيير. ففي الصين يجب أن ينظر إلى الطاقة المتجددة على أنها مصدر لأمن الطاقة، وليس فقط للحد من الانبعاثات الكربونية. وتركز مناقشات اليوم حول أمن الطاقة بشكل حصري تقريبا على الحفاظ على سبل الوصول إلى الوقود الأحفوري. ولكن على عكس النفط والفحم والغاز ــــ التي تتصف إمداداتها بالمحدودية وتخضع للتوترات الجيوسياسية، فإن أجهزة الطاقة المتجددة يمكن تشييدها في أي مكان ويمكن تنفيذها حيثما كان هناك ما يكفي من المياه والرياح والشمس.
ومع ارتفاع حجم تصنيع واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، فإن قوى السوق ستجعل الحصول عليها أكثر يسرا، وستوفرها بأسعار معقولة وبكفاءة. ولذلك ينبغي أن تركز سياسات الطاقة على تعزيز التصنيع والتجارة والمنافسة في التقنيات منخفضة الكربون، بدلا من دعم الوقود الأحفوري الأكثر تكلفة وخطورة والذي يصعب الوصول إليه. وسيؤدي ذلك إلى خفض انبعاثات الغازات الضارة.
وتولد الصين أكثر من خمسة تريليونات كيلوواط ساعة من الكهرباء، أي أن إنتاجها يفوق إنتاج الولايات المتحدة بنحو تريليون كيلوواط ساعة. وقد اعتمد التوسع الاقتصادي السريع للصين منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية WTO في عام 2001م على الوقود الأحفوري، فالصين تستهلك نحو 23 في المائة من إنتاج الفحم في العالم لتوليد الكهرباء. ولكن الوقود الأحفوري وحده لا يكفي لتوفير الطاقة اللازمة لتحقيق النمو الصناعي الذي تحتاج إليه البلاد لمواكبة الغرب.
وفي عام 2013 حققت الصين هدفها ــــ قبل الموعد المحدد له بعامين ــــ المتمثل في توليد ما يقرب من 30 في المائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. وتهدف الحكومة الصينية إلى توليد 550 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2017، أو تحقيق زيادة قدرها 48 في المائة على مستوى عام 2013. ولا توجد أي دولة أخرى تستثمر هذا الحجم من المال أو تولد هذا القدر من الطاقة المتجددة.
هناك عاملان لنجاح الصين في مجال الطاقة المتجددة: السياسات المركزة التي توجه الاستثمار نحو قطاعات مختارة وتشجع الاستهلاك المحلي عن طريق تنفيذ تدابير مثل تعريفات الطاقة المتجددة، والدينامكيات الصناعية ــــ التي تتضمن الاقتصادات الضخمة والكفاءة المكتسبة من خلال التعلم ــــ التي تعمل على خفض تكاليف الوحدات في ظل توسع السوق العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي