رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إصلاح «الصحة» يبدأ من الجذور

قصة تولي الوزير الراحل غازي القصيبي وزارة الصحة ربما تكشف لنا سبب سخونة كرسي الوزير في هذه الوزارة الخدمية التي تلامس أغلى ما يملك المرء ألا وهي "صحته"، يقول القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة": "كنت في الطائرة مع الملك فهد - عندما كان وليا للعهد - عائدين إلى الرياض من مدينة فاس المغربية بعد حضور القمة العربية في خريف 1981، وكان الملك فهد يقرأ معاملات أمامه ويتحدث إليّ بين الحين والآخر ثم يعود إلى الأوراق. بغتةً رفع رأسه عن المعاملات وقال "ماذا أفعل بوزارة الصحة؟ اخترت لها أكفأ الرجال ورصدت لها أضخم الاعتمادات ومع ذلك لم تتحرك، هذا هو القطاع الوحيد الذي لم يواكب التنمية".
يضيف القصيبي في كتابه "لا أدري ما الذي دفع الملك إلى هذا الحديث المفاجئ عن وزارة الصحة، ولعله كان يقرأ تقريرا عن الخدمات الصحية، استمر الملك في حديثه وأنا منصت: هذا جهاز ميئوس منه"، قبل أن يفاجئني- والحديث ما زال للقصيبي -: "هل تدري ماذا قررت أن أفعل؟ قررت أن أتولى وزارة الصحة بنفسي، أتولاها شخصيا". قلت على الفور: "إذا وصلَت الأمور إلى هذه المرحلة فلماذا لا تبدأ بخيار آخر؟ أنا رهن إشارتك، دعني أحاول". ومن بعد هذا الحديث في الطائرة تولى غازي القصيبي المهمة.
من خلال القصة وحديث العاهل السعودي الراحل الملك فهد، يمكن أن نستشف أن وزارة الصحة كانت وما زالت تسبب صداعا للدولة رغم إنفاقها عليها ما يوازي ميزانيات دول مجاورة، وهو ما يكشف لنا سر سخونة كرسي الوزير، الذي أطاح بأكثر من أربعة وزراء في أقل من عامين.
بزعمي أن وزارة الصحة ومع الصرف "الباذخ" عليها من الدولة تستطيع أن تكون "أنموذجا" للوزارات الخدمية في البلد وفي المنطقة برمتها، ولكنها تفتقد الإداري المحنك القادر على صناعة "انضباطية" عالية، تسهم في رقي الخدمات الصحية والتوسع فيها، ليس بالضرورة أن يكون الوزير متخصصا في الطب، فقط نحتاج إلى إداري فخم قادر على ضبط كل القطاع والحد من أخطائه وتطوير خدماته، نحتاج إلى إصلاح إداري شامل يبدأ من الجذور لا من الهرم فقط كما نفعل منذ سنوات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي