رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«عاصفة الحزم» الداخلي أيضا

ساعات فقط ما بين الإقالة وبين نشر الفيديو الشهير، الذي ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي "لوزير الصحة أحمد الخطيب" وهو يدخل في مشادة مع مواطن في الشمال، يكرر استجداءه لمعالجة والده دون أن يجد خدمة ترضيه، أو ردا مناسبا، ولم يوفق الوزير في التعامل مع الموقف.
الإجراء الجريء السريع بكل ما فيه من سرعة وقوة يكرس فلسفة المحاسبة التي كنا نحلم بها لكبار المسؤولين، ويؤكد فعلا أننا نعيش زمنا مختلفا ومرحلة ذهبية عنوانها الحزم، فحزم الخارج وإن بدا واضحا بكل ما فيه من قوة وعزة وردع أشغل المحللين في الشرق والغرب، إلا أن الحزم الداخلي أيضا واضح، وأظنه لم يأخذ حقه الإعلامي منذ اختيار فريق العمل للعهد "السلماني" وتأسيس مجلسي الأمن والتنمية، وما تبعه من قرارات مصيرية، في إعفاء وزير الإسكان وأيضا فرض رسوم الأراضي ونزع ملكية الأراضي البور، للاستفادة منها في برامج التنمية.
ولذا ليس غريبا إعفاء وزير الصحة وقبله وزير الإسكان مع ذكر أسباب الإقالة، بدلا من العبارات المعتادة، طالما بات الحزم شعارا للمرحلة ومطلبا مهما في تعزيز الحضور التنموي، وإقالة هذين الوزيرين في شهرين إعلان واضح أن عاصفة الحزم الداخلي تهب من كل اتجاه، وتضع المواطن فوق كل اعتبار، وهي في طريقها لاقتلاع كل متهم بالتخاذل أو الفساد أو التقصير في الأداء، فسمات "المرحلة السلمانية" لا تقبل التراخي إطلاقا، في ظل ما توافر لبلدنا من إمكانات مالية وكوادر بشرية وتلاحم داخلي، تجعل سقف الطموحات عاليا جدا، ولا يقبل الانحناء تحت أي مبررات.
كتبنا كثيرا عن معاناة الناس وإحباطهم المتراكم من قصور الوزارات والجهات الخدمية، واستجداء مسؤولين ليس لديهم سوى التصريحات والمواعيد المفتوحة لسنوات من داخل المكاتب المريحة بلا إنجاز يذكر.
وقلنا إن هناك مستشفيات ومديريات صحية منذ سنوات طويلة هي على رتمها الرتيب وقصورها الواضح، ومثلها مدارس وإدارات تعليم، ومكاتب عمل، ومكاتب خدمة مدنية، واجتماعية، وغيرها تشاركها التراخي، وتفتقد القدرة على الإبداع والتغيير، وخدمة المجتمع بسلاسة ومرونة وسرعة، ولن يتغير هذا الإيقاع إلا بتغير آلية المحاسبة من أعلى الهرم وتفعيل العمل الميداني، وتدوير المواقع، فالوظيفة ليست حقا مكتسبا، بل خدمة الناس بأجر، ومن لا يستطيع فعليه أن يترك مكانه للمقتدرين من أبناء الوطن.
كنا نحلم كثيرا ونتكلم في صحفنا ومكاتبنا ومجالسنا الخاصة والعامة عن ضرورة تعزيز المحاسبة التي لا تستثني أحدا، وكنا نتمنى أن تكون كشوفات الإنجاز والإخفاق لكل مسؤول في كل مرفق خدمي وأمني واضحة للجميع، يشترك في نقدها ومعرفتها رجل الشارع والمثقف والأكاديمي وعضو الشورى، فنحن أبناء وطن واحد، شركاء في البناء والإنجاز والتنمية، ولا بقاء فوق الكراسي إلا بقدر ما يقدمه أصحابها من إنجازات لخدمة مجتمعهم ووطنهم، وأرى هذه الرؤية تقترب كثيرا من أحلامنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي