ثقافة المتاحف
ترك الدكتور زاهي حواس أثرا جميلا في نفسي أمس الثلاثاء، وهو يتحدث عن تجربته الثرية في التعامل مع الآثار المصرية تنقيبا وتنظيما وملاحقة للمسروق منها في متاحف العالم.
كان الدكتور حواس يتحدث ضمن البرنامج المصاحب لملتقى السفر والسياحة. وكانت جلسات الأمس في قاعة بريدة في فندق إنتر كونتننتال تتناول التجارب الاستثمارية الناجحة في المتاحف الخاصة.
لكن اللقاء المفتوح مع الدكتور زاهي حواس الذي تم بحضور الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار كان يرصد قصة نجاح تجربة عربية عريقة ولافتة في التعامل مع الآثار في مصر.
والحقيقة أن هذا النجاح، ملهم للتجارب الخليجية الواعدة في هذا المجال وفي طليعتها تجربة المملكة العربية السعودية، التي تتكئ على إرث تاريخي عريق، يمتد آلاف السنين، وكان تاج سنام هذه الحضارات تلك النعمة العظيمة التي عمت الكون بنزول الرسالة الإسلامية السمحة على الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذه الأرض المباركة، تشكلت النواة الأولى للحضارة الإسلامية، التي تعانقت مع الحضارات الأخرى، وكانت جسرا أمينا تم من خلاله نقل الفلسفات والمعارف اليونانية والرومانية والفارسية .. إلى آخره، إلى العالم أجمع.
ولا شك أن مواقع التاريخ الإسلامي كانت ولا تزال مسارا مهما من مسارات الذاكرة الإنسانية والإسلامية.
وهذا ربما هو ما استشعرته الهيئة العامة للسفر والسياحة؛ فعملت على مسارات تعتني بالتراث الحضاري ومواقع التاريخ الإسلامي والتراث العمراني والتاريخ الوطني.
وهي مسارات استلزمت جهدا ضخما من أجل تهيئة البيئة التنظيمية التي تم تتويجها العام الماضي، بنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، الذي أضاف الكثير من المواد الضرورية على النظام الذي كان موجودا سابقا.
لقد تناول الدكتور زاهي حواس في حديثه التجربة المصرية مع مواقع التاريخ الإسلامي، وكانت الهيئة العامة للسياحة والآثار أطلقت العام الماضي مشروعا ضخما للعناية بمواقع التاريخ الإسلامي في المملكة.
إن صياغة الوعي بأهمية الآثار، تجعل الاستثمار فيه مسألة مجدية اقتصاديا، وهنا أقتبس من كلام الدكتور حواس عبارة قالها: “يجب أن يكون هناك متحف في كل معلم من معالم الآثار”. وقد بدأت المملكة نواة ذلك في مواقع عدة، ولكن الأمر يحتاج إلى تضافر جهود المجتمع من أجل نشر الثقافة المتحفية وإثرائها لدى الناشئة والكبار أيضا. انتشار هذه الثقافة يجعل الاستثمار في هذا المجال يتنامى، ويضاهي التجارب العالمية.