هموم المواطن من أولويات الملك

نهى الشرع عن الاحتكار في كل السلع التي لا غنى للناس عنها، بقصد استغلال حاجة الناس وتعمد الدفع إلى غلاء الأسعار بغير حق، بما يرهق العامة، والأراضي من أهم السلع التي يحتاج إليها الناس وحرم احتكارها.
وواجب ولي أمر المسلمين متى ما وقع الاحتكار أن يتخذ التدابير الجبرية التي تمنع ذلك، كما في قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والصحابي بلال بن الحارث، فعندما لم يستطع بلال إحياء جزء من الأرض التي أقطعه إياها الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ نزعها منه عمر بن الخطاب وهو أمر لم يخالفه عليه أي صحابي عاصر الواقعة، فالغاية من تملك الأرض هي إحياؤها لا "احتكارها".
بالأمس وافق مجلس الوزراء السعودي على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على فرض رسوم الأراضي، وكلفه بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل.
قرار وصفه الاقتصاديون بالتاريخي، حيث سيسهم في فك الاحتكار وخفض أسعار العقارات، و"حلحلة" الأزمة الإسكانية التي تعانيها السعودية منذ سنوات، وسيسهم في تمكن المواطن من تملك المسكن المناسب وفق أسعار معقولة غير مبالغ فيها.
قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، سيجبر الملاك على إحيائها من خلال بناء المساكن والعقارات بأشكالها كافة، مما يعني ضخ مزيد من الوحدات في السوق العقارية وهو الأمر الذي سيسهم في رفع العرض مقابل الطلب وخفض الأسعار، أو دفع الرسوم التي ستحدد في وقت لاحق بعد وضع الترتيبات والآليات للقرار، وهو أمر سيوفر سيولة لدى الدولة لمساعدتها على تنفيذ برامجها الإسكانية.
ليس المواطن وحده مستهدفا من هذا القرار رغم أنه المستفيد الأكبر منه، فاقتصاد البلد برمته سيستفيد من هذا القرار، فعلى سبيل المثال تعاني شركات التطوير العقاري ــ كما أفصح لي أحد مديريها التنفيذيين ــ معضلة إيجاد أرض مناسبة تقيم عليها مشاريعها الإسكانية بسبب الاحتكار ورفض البيع.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان شدد في أكثر من خطاب على أن هموم المواطن في مقدمة اهتماماته، فها هو يقرن قوله بفعله من خلال فرض رسوم على الأراضي البيضاء ومنع احتكارها الذي أضر بالعباد والبلاد.