قرارات الخير والبركة وأسباب العيش الكريم
بعد أن أعلنت قرارات مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مساء يوم الإثنين الماضي، قال لي أحد الأصدقاء الأكفاء لقد جاء زمن الكفاءات، فقد دقت ساعة العمل عالي الفاعلية والكفاءة وأصبح الإنجاز المزمن والمقاس نوعا وكما هو معيار النجاح ومستواه أو الفشل وفداحته.
قلت له وما دعاك لتقول هذا؟ قال إن القرارات تنبئ عن منطلقات جديدة ملخصها أن المصلحة العامة فوق كل مصلحة أيا كانت وأن المصلحة العامة لا يحددها المسؤولون في الأجهزة الحكومية بناء على آرائهم أو أهوائهم أو عواطفهم أو تجاربهم الشخصية إنما يحددها مجلس الاقتصاد والتنمية التابع لمجلس الوزراء الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان رئيس الديوان ووزير الدفاع ويضم وزراء الحكومة المعنيين بالمالية وموارد الدولة الاقتصادية والتجارة والصناعة والخدمات.
قلت وما معنى ذلك؟ قال إذا حُدِدت المصلحة العامة بدقة وبتجرد وعلت على جميع المصالح الفردية وأصبحت هي الغاية التي توجه القيادة الجهود والموارد لتحقيقها ستصبح بالتبعية الفاعلية "التوجهات الصحيحة"، والكفاءة "الاستثمار الأمثل للموارد" معياري التقييم للنجاح أو الفشل لجميع الأجهزة الحكومية والشركات الحكومية أو شبه الحكومية، والنجاح بهذين المعيارين كما هو معروف لا يكون إلا بتوظيف الكفاءات الجديرة القادرة على النهوض بالأجهزة الحكومية كافة لتحقيق غاياتها التي تصب في المصلحة العامة، وهذا بطبيعة الحال سيحد بشكل كبير من التوظيف والترقي على أي أساس آخر غير "الجدارة" كالمكانة الاجتماعية أو القدرة على مداهنة المسؤول وخدمة أجنداته وغاياته أو أعماله الشخصية.
قلت وكيف تربط القرارات بما تقول بشأن "زمن الكفاءات"؟ قال إن القرارات خصوصا تلك المتعلقة بإعادة هيكلة وزارة المالية وتحويل مسؤولية الصناديق التنموية للوزارات المعنية وصندوق الاستثمارات العامة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ونقل أي نشاط له صلة بالجانب الاقتصادي من وزارة المالية إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط تؤكد بصورة جلية أن المصلحة العامة فوق كل مصلحة لأن هذه الهيكلة متطلب أساس للوضوح والشفافية من ناحية وربط المسؤوليات بالصلاحيات وبالتالي المحاسبة دون أعذار، وهذا سيجعل المسؤولين أمام مسؤولياتهم التي لا يستطيعون النهوض بها دون كفاءات جديرة بتحقيقها على أكمل وجه.
قلت وماذا يستفيد المواطن من "زمان الكفاءات" التي تشي به هذه القرارات؟ قال هذه القرارات وقرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز تثبت أن المصلحة العامة فوق كل مصلحة وتثبت أن المواطن غاية التنمية ووسيلتها سيكون محور اهتمامات القيادة لينعم بالعيش الكريم بمفهومه الواسع الذي يشمل تمكينه بعد تأهيله من المشاركة الفاعلة بالتنمية وإطلاق طاقاته الذهنية والعقلية والجسدية والوجدانية لجدارته دون النظر إلى أي اعتبار آخر لينعم بالراحة النفسية التي ينشدها كثروة بشرية منتجة مساهمة.
قلت هذا كلام طوباوي كما يقول البعض، فالعيش الكريم بالنسبة للكثير من المواطنين يتمثل بالحصول على خدمات التعليم والعلاج والإسكان والكهرباء والماء والهاتف بجودة عالية وبتكاليف تكون في متناوله، إضافة إلى حصولهم على الوظيفة الملائمة لتخصصاتهم وتمكينهم من الاستثمار بسهولة ويسر متى ما رغبوا في ذلك، وراتب تقاعدي مجز يكفي لمواجهة ظروف الحياة حال التقاعد. فقال نعم هذا صحيح وهذا سيتحقق تلقائيا عندما تصبح الكفاءات الجديرة هي التي تقود الأجهزة الحكومية وتعمل بجميع مستوياتها الإدارية، وعندما يصبح الإنجاز المُزمن دون أعذار هو معيار التقييم، وعندما تصبح المصلحة العامة فوق المصلحة الفردية عند كل مسؤول فعندها سترى المستويات العالية من الخدمات التعليمية والصحية والإسكانية وغيرها من الخدمات كما ستجد بيئة استثمارية محفزة ومشجعة وداعمة أيضا وكل ذلك من أسباب العيش الكريم التي ينشدها كل مواطن.
وأقول إنني على قناعة تامة بما قاله صديقي هذا وهو رأي يقول به أكثر من أعرفهم وأتحاور معهم حيث الجميع مستبشر بالقرارات الهيكلية التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز السابقة التي فُعلت بشكل جاد وسريع ومؤثر وما ترتب عليها من حراك تنموي كبير يلمسه الجميع، ومن استقطاب كبير للكفاءات الجديرة القادرة على الإنجاز وإحداث الفرق بعد أن كان الكثير من الكفاءات مستبعدا لمصلحة المتزلفين والوصوليين القادرين على تحقيق مصلحة الشخصية للمسؤولين أكثر من تحقيق المصالح العامة للمواطنين التي تصب في مصلحة الوطن واستقراره ونموه بالمحصلة.
أجزم أن هذا الحراك السابق واللاحق الذي سيبنى على القرارات الجديدة سيؤدي لاختفاء الكثير من الخطط الرديئة ومشاريعها الهزيلة التي لم تبن على مرجعيات علمية دقيقة، كما سيؤدي لانزواء المسؤولين والموظفين الذين يغلبون مصالحهم الشخصية على المصالح العامة ويبددون موارد الدولة في إنجازات شكلية، بشكل مخز لتحقيق إنجازات شكلية تنمق بتقارير مجلدة بجلد فاخر وتقدم في صناديق جميلة باهظة الثمن، وسيؤدي أيضاً لندرة المشاريع المتأخرة سيئة التنفيذ، لتنفذ المشاريع في أوقاتها وبالجودة المثلى دون أعذار، كما سيؤدي أيضا للحد من المحسوبيات والرشا والمشاريع الشكلية، الأمر الذي سينعكس على توافر جميع متطلبات الحياة الكريمة الأساسية والثانوية والكمالية وتجعل كل مواطن يشعر بالانتماء والولاء والراحة النفسية لحصوله على حقوقه وقدرته على أداء واجباته وأهمها المساهمة في تنمية بلاده بما يتناسب وجدارته.
ختاما كلي ثقة بأن المواطن السعودي يعيش اليوم في ظل قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في أعلى درجات التفاؤل والأمل بالحصول على أفضل أسباب العيش الكريم من سكن وتعليم عام وعال وعلاج وكهرباء ومواصلات واتصالات، إضافة إلى ثقته بتمكينه من خدمة بلاده بما يتناسب ومؤهلاته وقدراته ومواهبه دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.