رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«أمسك قردك»

من صفات المجتمع التقليدي، رفض التغيير والتمسك بالقديم، خشية المجهول القادم بالنسبة له. موروثات الثقافة المحلية مليئة بالأمثال والقصص التي تكرس هذا الاتجاه، لعل أكثرها رواجا: "أمسك قردك لا يجيك أقرد منه".
الثقافة المحلية السائدة في المجتمع الكبير، بلا شك، تنسحب على المجتمع الرياضي، وهو ما يظهر بوضوح في صراخ المدرجات أمام أي تغيير يحاول رئيس ناد أو مدرب إحداثه.
كثيرون من جماهير الأندية يعارضون أن يلعب أي مدرب جديد لفرقها بطرق تكتيكية لم تعرف عنها سابقا. مثلا عندما يتحول المدرب الجديد إلى الرسم الميداني 2/5/3، أو 1/3/2/4، تهب عاصفة معارضة تنادي بالطريقة التقليدية التي عرف بها الفريق 2/4/4، وكم قرأت وسمعت المقولة المضحكة من جماهير ومشجعين وصحافيين: "هذه الطريقة لا تناسب الفريق، ولم يلعب بها يوما في تاريخه"، ولا أعرف كيف اكتشف صاحب هذه المقولة أنها لا تناسب الفريق مع اعترافه الصريح بأن الفريق لم يلعب بها يوما. لا شيء غريبا، إنه العقل الباطن الذي يدفعه إلى قول ذلك تمسكا بالقرد القديم كما يقول المثل الشعبي، فالقرد الجديد لا يمكن الوثوق به.
رفض التغيير يواجه رؤساء الأندية أيضا، أي رئيس تسول له نفسه التفكير في الإحلال والتبديل، ستلاحقه سياط الغضب، ولن يسلم وستجبره على النكوص عن توجهاته والتمسك بالقديم. في العالم الكروي كله، تجدد فرق كرة القدم 30 في المائة من قوائمها بين موسم وآخر، إلا في السعودية يستمر اللاعب محفوفا بالحصانة الجماهيرية حتى يطيب خاطره ويعلق الحذاء.
.. مواهب سعودية كثيرة، احترقت في طوابير الانتظار لأن الجمهور، وبعض المسؤولين يترددون في منحهم الثقة خشية التغيير، ولذلك لا غرابة أن يكون لدينا أكثر من اسم في قائمة النادي المئوي، والأدهى أن هناك من يعتبر ذلك إنجازا، وهو لا يتعدى رقما شرفيا يدل على موهبة اللاعب وفقر المواهب في بلده أو التقليدية التي تدار بها الأمور.
.. فريق الشباب، ليوث العاصمة، لديه قائمة في الفريق الأول مستمرة في اللعب مع بعضها منذ سنوات طويلة، لو فكر رئيس النادي في التغيير لتعالت الأصوات تنادي بالتوقف عن إهدار مكتسبات الفريق. هذه الأصوات لا تتابع فريقها بشكل جيد، لا تعرف أن الرئيس السابق خالد البلطان وضع أساسا متينا للعرين الأبيض، عندما كون قبل خمسة أعوام فريقا للناشئين استقطب فيه مواهب من مناطق جازان والمدينة المنورة، بعد ثلاثة أعوام من تكوّنه حقق دوري فئة الشباب دون خسارة وبأرقام قياسية، وهو الآن يتصدر دوري الأولمبي، أبرز مواهبه الفلتة عبد العزيز البيشي والفنان عبد الرحمن خير الله، ناهيك عن مواهب تبشر بمستقبل لافت مثل المقباس والحرقان والعنزي وآخرين. هؤلاء الفتية تابعت مسيرتهم منذ وقت مبكر، يحتاجون إلى الفرصة، يحتاجون إلى تسلم الراية من لاعبين مخضرمين يحتاجون إلى التغيير أيضا، ويضخون أموال في خزانته بانتقالهم. التجديد أمر ضروري في الحياة، التقليدية قاتلة، التقليدية شيخوخة مبكرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي