رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التعليم وأولويات التطوير

أقول بصدق إنني أقدر جهود الزملاء في مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، وأقدر حماسهم وسباقهم مع الزمن، فهم تحت ضغط الوقت وضغط المجتمع، لتقديم تطوير حقيقي في منظومة التعليم، وفوق هذا كله تحت إدارة وزير متحمس ومتعطش للإبداع والتغيير الحقيقي.
ويبدو أن هذا الضغط والانتقادات التي واجهها المشروع في التأخير وضعف الإنجاز وضع الزملاء في مأزق البحث عن الإنجاز الكمي، على حساب ترتيب الأولويات، ولهذا استغربت السرعة التي أصدرت بها إدارة المشروع بيانا عن تقديم برنامج لتقديم رياضة “الكاراتيه” في المدارس، فقد قرأت تصريحا على لسان مدير برنامج تطوير الرياضة المدرسية في شركة “تطوير للخدمات التعليمية” المأمون الشنقيطي، أعلن فيه تدشين مشروع لنشر رياضة “الكاراتيه” في مدارس التعليم العام بدءا من مطلع العام الدراسي الجديد.
وأبان الشنقيطي أن “مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام “تطوير” أنهى مرحلة التهيئة لتنفيذ مشروع “تطوير الكاراتيه” في مدارس التعليم العام، بالتعاون مع وزارة التعليم والاتحاد العربي السعودي للكاراتيه واللجنة الأولمبية العربية السعودية والاتحاد الدولي للكاراتيه.
وسيطبق في مدارس التعليم العام ومدارس الحي في خمس مناطق تعليمية في مرحلة مبدئية، وأن التوسع في البرنامج سيكون بشكل متدرج وفي كل المناطق لاستهداف أكبر عدد ممكن من طلاب التعليم العام.
واعتبر الشنقيطي في تصريحه أن البرنامج مهم لنشر رياضة الكاراتيه بين طلاب التعليم العام وإكسابهم المهارات والمفاهيم الأساسية في اللعبة، معتمدين أسلوبا ومنهجية علمية ترفع وعيهم تجاه أهمية النشاط البدني، مشيرا إلى أنها “تعد الطلاب إعدادا شاملا من الناحية الصحية والبدنية والنفسية والمعرفية وتسهم في تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات واحترام الآخرين”.
في حقيقة الأمر أثار التصريح المنشور عديدا من التساؤلات الواقعية لمجموعة من المهتمين، كان السؤال الأبرز: هل رياضة الكاراتيه هي ما تحتاج إليه مدارسنا وطلابنا في الوقت الحالي؟ في ظل وجود ما هو أهم بكثير في أولويات التطوير المنتظرة؟ والكل يعرف أن المباني المدرسية لا تزال تفتقد للتهيئة المنشودة لتكون بيئات جاذبة للإبداع الرياضي والعلمي.
حتى لو تقلصت المدارس المستأجرة، فالمباني الحكومية القديمة قليل منها يتوافر فيها صالات مغلقة ومكيفة، ومعظم ملاعبها ترابية، هذا في الجانب الرياضي، أما في الجوانب الأخرى فكم مدرسة تتوافر فيها المعامل المكتملة، والمسارح المحفزة، والكوادر المؤهلة مهنيا لتطوير الأنشطة واكتشاف القدرات.
لقد كانت معظم المشاريع تتم خارج المدارس من مراكز كشفية، ورياضية، ومسارح ثقافية، فتحولت المدارس إلى بيئات طاردة ومنفرة للإبداع، ولم يلتفت إليها إلا أخيرا، بعد أن خسرنا كثيرا من المواهب، وهذه أيضا أحد أسباب فشل ما يسمى “أندية الحي” التي تعنى بالاستفادة من المدارس في المساء، ورغم المبالغ المهدرة التي صرفت عليها، فالإقبال لا يزال ضعيفا لأن الطالب الذي تنفره المدرسة في الصباح لا يمكن أن يعود إليها في المساء، وإن عاد فماذا يمكن أن يجد؟
أرجو ألا يفهم كلامي هنا أنه تقليل من جهود الزملاء أو إحباط طموحاتهم الرامية للتطوير، ولكن أتمنى ألا يأخذهم الحماس بعيدا عن الاحتياجات الفعلية المتفق عليها، فهناك الكثير جدا من الأولويات وأهم بكثير من مشروع “الكاراتيه”.
وأولها في نظري بيئة مدرسية جاذبة، وموارد تربوية مؤهلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي