مشكلة الإسكان .. وحزمة الحلول
وضع الملك سلمان بن عبدالعزيز على رأس اهتماماته توفير السكن للمواطن انطلاقا من حرصه على توفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين .. كما ورد في خطابه المهم الذي حدد فيه ملامح عهده الميمون .. وقد أكد في ذلك الخطاب "أنه عازم على وضع الحلول العملية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن".
وانطلاقا من هذا الحرص أدعو الزملاء كتاب الرأي، وبالذات المتخصصون في المجالات الهندسية والتطوير العقاري والتمويل إلى طرح مقترحاتهم التي قد تفيد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في وضع حزمة من الحلول العاجلة والعملية لهذه المشكلة التي تحطم آمال شبابنا المقبلين على الحياة العملية والزوجية دون أن يلوح لهم في الأفق أي إمكانية لتأمين السكن، ما دام المرتب بالكاد يكفي تكاليف المعيشة، وما دام قرض صندوق التنمية العقارية يتطلب انتظارا قد يمتد إلى أكثر من عشر سنوات، وقروض المصارف التجارية مقيدة بدفعة مقدمة تبلغ 30 في المائة من قيمة القرض حسب تعليمات مؤسسة النقد.. وهذا ما جعل من يستطيع الاستفادة من هذه القروض لا يتعدى 20 في المائة من المحتاجين للسكن، بينما الأكثرية الساحقة لا تملك دفعة مقدمة فرضت على المصارف وعلى المقترضين وعطلت مطوري العقار عن المشاركة في حل المشكلة .. ومنطقيا كيف يمكن لشاب تخرج في الجامعة وأعانه والده على تكاليف الزواج وكان محظوظا فحصل على وظيفة براتب قدره ستة آلاف ريال أن يوفر مبلغ 500 ألف ريال، وهي الدفعة المقدمة 30 في المائة إذا أراد الحصول على قرض مقداره مليون و500 ألف ريال لشراء مسكن صغير حسب أسعار السوق السائدة الآن .. ولقد تحدثت قبل كتابة المقال إلى بعض مطوري العقار، فوجدت أن هذا القيد قد أوقف البيع وبالذات للشباب الذين هم أكثر من يعاني مشكلة صعوبة توفير السكن لهم في مقتبل حياتهم، وبهذا سيتوقف مطور العقار عن الاهتمام بالمشاريع السكنية، ويعود كما كان للاهتمام بقطاع المباني التجارية من مكاتب وفنادق وأسواق، ولن يكون لشركات التطوير العقاري التي تملك الأراضي في مواقع مزودة بالخدمات وقابلة للبناء أي مساهمة في حل مشكلة الإسكان.
وأخيرا: لا يوجد حل واحد لمشكلة توفير المساكن، وإنما ينبغي العمل على حزمة حلول وعدة مسارات .. فالقطاعات العسكرية يجب أن تتوسع في بناء المساكن وتقسيط قيمتها على منسوبيها وخاصة في المناطق النائية، وصندوق التنمية العقارية الذي قام بدور مقدر وفاعل في السنوات الماضية، ينبغي أن يدعم لزيادة مبلغ القرض وتقصير مدة الانتظار بحيث لا تزيد على عام واحد مع سرعة إيصال الخدمات العامة إلى أراضي المنح الحكومية. أما شركات التطوير العقاري فيجب زيادة عددها، وإدخال شركات أجنبية إذا اقتضى الأمر، مع وضع ضوابط لأعمالها ولأسعارها بحيث تحدد نسبة معقولة لهامش الربح، ويترك لها حرية التعامل مباشرة مع عملائها بالضمانات التي تكفل الوفاء بحقوقها، أو أن يتم ذلك عن طريق المصارف بعد إزالة قيد 30 في المائة الذي يشتكي منه الجميع، ولا مبرر لفرضه على طرفي عقد الاقتراض المتفاهمين على شروط وضمانات أخرى.