رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التعليم الأهلي ما بين ربح المال وخسارة التعليم

بدأ التعليم الأهلي في المملكة قبل التعليم الحكومي، خاصة في الحجاز، وحظي بدعم الحكومة منذ المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه. وحرصت الدولة على أن يبقى التعليم الأهلي رافدا في مسيرة التعليم، ليخفف الضغط على التعليم الحكومي، ويوفر خيارا جيدا، بل مميزا أمام أولياء الأمور، وذلك أخذا بمبدأ توسيع الخيارات وتشجيع التنافس بين مؤسسات التعليم. لذلك ازداد عدد الطلبة الذين يدرسون في المدارس الأهلية عاما بعد آخر إلى أن بلغ 688 ألفا، أي ما يمثل نحو 13 في المائة من إجمالي الطلبة في التعليم العام في عام 1434/1435هـ.
من هذا المنطلق، جاءت وثيقة سياسة التعليم لتؤكد أن الدولة "تشجع التعليم الأهلي في جميع مراحله، ويخضع لإشراف الجهات التعليمية المختصة فنيا وإداريا". ولم تغفل هذه الوثيقة مسألة الجودة، فأشارت إلى أن إشراف الدولة على التعليم الأهلي يحقق ضمان مستوى مناسب من التربية والتعليم والشروط الصحية، لا يقل عن مستوى مدارس الدولة".
نعم بدأ التعلم الأهلي بمدارس "الفلاح" و"الصولتية" و"الفخرية" التي لم يكن الكسب المادي في مقدمة أسباب نشأتها، ولكن أصبح التعليم الأهلي في الوقت الحاضر - باستثناء نماذج رائعة ومميزة ولكنها نادرة - مجالا للكسب المادي السريع لرجال الأعمال وبعض "خبراء" التعليم المتقاعدين من المؤسسة التعليمية. بالتأكيد لم يصل التعليم الأهلي لهذا المستوى إلا بسبب ضعف المتابعة والمراقبة من قبل الأجهزة التي حملتها الدولة مهمة الإشراف وأمانة المتابعة. ولعل هذا يبرر إشارة وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل إلى "أن التعليم الأهلي متأخر عن ركب نظيره المتطور الذي تسعى الدولة لإحلاله في المنظومة التعليمية".
أخشى أن التعليم الأهلي أصبح ورما "غير حميد" في جسد التعليم، يصعب علاجه! وحرصا على مصلحة أبناء الوطن ومستقبل الأمة، وانطلاقا من الإيمان بأن الشباب هم عدة المستقبل، وأن التعليم هو المفتاح السحري للتقدم والنهضة في كل المجالات، فقد بلغ مني القلق مبلغه، وذلك للأسباب التالية:
- أصبح التعليم الأهلي ملاذا مريحا للتلاميذ ضعفاء المستوى من أجل تحقيق معدلات مرتفعة، ليس نتيجة لرفع مستوى تحصيلهم وتحسين بيئة تعليمهم، ولكن لاختزال المنهج في صفحات قليلة.
- على عكس ما هو مفترض، أصبحت الفصول في بعض المدارس الأهلية أكثر اكتظاظاً من المدارس الحكومية، ليصل عدد التلاميذ إلى أكثر من 40 طالبا! وربما لهذا السبب لجأت بعض المدارس إلى التركيز على الأنشطة غير الصفية لتغطية الضعف في العملية التعليمية!
- أصبحت المدارس الأهلية ملاذا لتوظيف المعلمين الذين يرفضهم التعليم الحكومي، وكان من المفترض أن تستقطب المدارس الأهلية أفضل المعلمين وأكثرهم كفاءة وخبرة، لوجود مرونة في إجراءات استقطابهم وتحديد أجورهم.
- مما زاد الطين بلة، وأسهم في التراخي وعدم الالتزام بالأنظمة أن بعض موظفي وزارة التعليم يشتركون في ملكية كثير من المدارس الأهلية ويعرفون "كيف تؤكل الكتف" أو بالأحرى يعرفون كيف يكسبون تعاطف الوزارة من خلال استضافة المدارس الأهلية لبعض ورش العمل أو الاجتماعات التي تنظمها الوزارة!
- بناء على ما وصلني من معلومات من بعض أولياء الأمور والمهتمين بالتعليم، فإن بعض المدارس الأهلية لم تعد بيئة تعليمية وتربوية صالحة لبقاء التلميذ فيها، وذلك لانتشار المشكلات السلوكية وتفشي الغش وبعض "الممنوعات" التي – ربما – يعلم بها مسؤولو هذه المدارس، ولكنهم لا يفضلون التصريح بها، خشية إغلاق مدارسهم، ومن ثم انحسار تدفق مكاسبهم المادية!
وأخيرا، بما أن "هيئة تقويم التعليم العام" هي الجهة التنظيمية القائمة على عمليات تقويم التعليم العام الحكومي والأهلي في المملكة، فإن المسؤولة تقع على عاتقها وضمن اختصاصها ومسؤوليتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي