يجب أن نوقف هذه الحرب
أطلق يوم الأحد الماضي أسبوع المرور الخليجي 2015 تحت شعار "قرارك يحدد مصيرك" في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض. ويتضمن برنامج أسبوع المرور ـــ كعادته كل سنة ـــ عديدا من الفعاليات المختلفة التي تشترك في تقديمها عدة جهات.
ومما تمت ملاحظته التقارير والإحصائيات التي تبين الحالة المرورية في دول مجلس التعاون التي تبين لنا هول الفاجعة، وعظم المصيبة، وفداحة الكارثة. وأبرز هذه التقارير بينت أن عدد الوفيات في السعودية فقط دون غيرها من دول المجلس جراء حوادث المرور وصل إلى ما يقارب ثمانية آلاف حالة وفاة سنويا وهي قابلة للزيادة وهذا يمثل أعلى نسبة ضحايا في العالم حتى بين الدول التي فيها صراعات طائفية، وحروب عسكرية، وكوارث طبيعية. كما أن 65 في المائة من نسبة الوفيات الناتجة من الحوادث المرورية هم من فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 عاما.
كما بلغت التكلفة الإجمالية للحوادث المرورية ما يزيد على 13 مليار ريال، ويشغل المصابون بالحوادث المرورية ثلث أسرّة وزارة الصحة.
والسؤال الذي يظهر على السطح هو: هل سيبقى الوضع على حاله؟ وهل سنكتفي بهذا ونجتمع كل عام كالعجزة نجتر خواطرنا ونندب حظنا ونعرض الإحصائيات نفسها لمدة أسبوع دون أن يكون هناك تشخيص حقيقي وعمل جدي؟
نحن في حاجة ماسة إلى مشروع على مستوى دول مجلس التعاون يتكاتف فيه الجميع، أجهزة الدولة والمواطنون والدعاة وخطباء المساجد وكل فرد في المجتمع لأن الأمر يخص الجميع. ومساهمة متواضعة مني سوف أذيل مقالي هذا بعدة مقترحات قد تناسب السعودية دون غيرها من دول المجلس لمعرفتي عن فداحة هذه الأزمة عندنا. ويمكن أن تدرس وتهذب وينقص منها ويزاد عليها لعل الله أن يخفف عنا ما نحن فيه ويوقف هذا النزيف الذي يضرب أطنابه في أعماق البلاد. وقد سبق أن عرضتها في عدة ندوات ومقالات ولكنني أرى أنه من الأنفع تكررها.
1. أولا يجب ألا نكتفي بما يقام في أسبوع المرور بل يجب أن يسخر الإعلام طوال العام لخدمة هذه القضية ويلقي الضوء على المخاطر الجمة التي تتسبب فيها حوادث المرور حتى يقتنع الناس "المواطنون والمسؤولون" بخطرها وأنها بالفعل تعد كارثة وطنية تعوق تقدم البلد وتسيء إلى سمعته وتبعده عن تحقيق أهدافه.
2. بعد أن يستقر في أذهان الناس خطر حوادث المرور ينبغي أن تستحدث هيئة عليا تتبع مجلس الوزراء مباشرة لها كامل الحرية والصلاحية في التحقيق والحجز وتطبيق اللوائح بحذافيرها على كل مواطن أو مقيم أو كبير أو صغير ولا يحق لأحد الشفاعة في الإخلال بالنظام المروري. فيمكن أن يستثنى المواطن من ترخيص البناء أو دخول ابنه الجامعة أو غيرها من الأمور المعيشية الأخرى إلا الإخلال بنظام المرور فهذا لا يقبل فيه الاستثناء لأن الأمر هنا مرتبط بحياة أو موت.
3. تتولى هذه الهيئة سن قوانين مرورية صارمة يمثل انتهاكها جريمة كالسرقة أو القتل تماما وتعد مخالفة قوانين المرور إرهابا حتى يقتنع الناس أن أعظم جريمة يرتكبها الفرد هي الإخلال بقواعد المرور وأنظمته.
4. إجراء دراسات ميدانية لمعرفة الأسباب الجوهرية وراء هذه الكارثة ومن ثم ترتيب الأولويات فنحن نسمع أن السرعة هي السبب الجوهري وراء حوادث المرور ولكن لا ندري فقد تكون هناك أسباب أخرى غائبة وعلى أثرها ترتب الأولويات ثم يعالج الأهم فالمهم وهكذا.
هذه بعض المقترحات وهناك عدة آليات يجب الأخذ بها قبل إجراء الدراسات وسن القوانين ومنها:
1. مراقبة تحركات صغار السن المرورية لنتمكن أولا من القضاء على ظاهرة قيادة السيارة من قبل هؤلاء الصبية المتهورين الذين أهلكوا الحرث والنسل. قد يتعذر بعض المواطنين ويبرر السماح للصبية بقيادة المركبة بعدم تمكين المرأة من قيادة السيارة وارتباطه هو ببعض الأعمال
ما يضطره إلى تمكين السفيه من قيادة السيارة من أجل تولي مهام توصيل أفراد الأسرة إلى المدارس والجامعات والمستشفيات والأسواق ونحوها. وأرى أنه لا يوجد مبرر للسماح للقاصرين بقيادة المركبات وعلينا أن نقف جميعا ونحد من ظاهرة قيادة الأطفال للمركبات في شوارعنا.
2. الذي نلاحظه أن كل فرد في كل أسرة سعودية، بالغا كان أو قاصرا، يمكنه أن يمتلك سيارة ويحق له أن يقودها من دون رخصة قيادة بل يعبث بها ويقتل من شاء ويعوق من يشاء بمباركة من المجتمع وبتهاون من رجال المرور. فلا يوجد عقاب رادع لمن يتسبب في إزهاق الأرواح أو إعاقة البشر وينظر إلى الأمر على أنه قضاء وقدر. ونحن نؤمن بالقضاء والقدر إلا أن ما يحدث خارج عن ذلك فهو تهور وإلقاء النفس إلى التهلكة.
3. رفع أسعار الوقود كما هو سائد في كثير من الدول والاقتصاديات، فأظن أن الثمن القليل الذي يدفع للتر البنزين يجعل حركة المرور سريعة ومتحركة باستمرار، ولكن عندما ترفع أسعار الوقود تقيد حركته ولن يقود المواطن سيارة إلا لضرورة، وهذا يحد من الحوادث وقد يرغم البعض على الاكتفاء بسيارة واحدة أو يجتمع عدد من أفراد الأسرة في سيارة واحدة بدلا من أن يمتطي كل فرد سيارة بمفرده في ترف لم نر له مثيلا.
هذه بعض المقترحات والآليات التي أراها وأنا متأكد أن لديكم المزيد للقضاء على هذه الكارثة ولكن لا يكفي الكلام ولا نريد فقط مقترحات بل نريد حملة جادة وسريعة تدير هذه الأزمة وتضبط حركة المرور بكفاءة.