رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أركان الاقتصاد القوي في رؤية الملك

بالأمس ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ــ أيده الله ــ كلمة ضافية وضحت بشكل جلي رؤيته لقضايا عديدة تنموية واجتماعية وأمنية، ووضع قاعدة عريضة لهذه الرؤية، وهي السير على خطى النمو والتطور بكل ثبات مع التمسك بالعقيدة الصافية، والمحافظة على أصالة هذا المجتمع وثوابته. هذه المظلة العامة والرئيسة تمثل القيم الأساسية لرؤية الملك، والقاعدة التي يتم الرجوع إليها للمقارنة بين البدائل المختلفة، كما تضمنت الرؤية العامة للملك في جانبها الاقتصادي هدف تحقيق التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها. إنها عبارة واضحة الدلالة، فلم تكتف العبارة بالتنمية المتوازنة، ذلك أن هذا المفهوم ــ أي التنمية المتوازنة ــ أسيء استخدامه طوال العقود الماضية، فالتنمية المتوازنة كانت تعني عند البعض تعطيل المشاريع في جميع المناطق عدالة وتنمية متوازنة، لذلك جاء هذا المفهوم الواسع في كلمة الملك مقيدا بمفهومي الشاملة والعدالة لجميع المواطنين ومفهوم آخر هو لب الموضوع وقلب الرؤية، وهو تحقيق تطلعات المواطنين وتحقيق أمانيهم. فالملك إذا يعيد صياغة مفهوم التنمية المتوازنة بأن تكون تنمية متوازنة تحقق آمال المواطنين وتطلعاتهم المشروعة في ظل العدالة ونظام الدولة. وتأكيدا لهذا المفهوم العميق جدا في التنمية المتوازنة أكد الملك خلال كلمته أنه لا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، وأنه يجب أن يسهم الجميع في خدمة الوطن.
ثم جاء الركن الثاني من أركان الرؤية الاقتصادية لخادم الحرمين الشريفين، وهو العمل على بناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات، وإيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وتشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة على النمو، ودعمها لتكوين قاعدة اقتصادية متينة لشريحة كبيرة من المجتمع.
ويجب قراءة أي جانب من جوانب الرؤية الاقتصادية مع استحضار مفهوم العقيدة الصافية وثوابت المجتمع ومفهوم التنمية الشاملة المتوازنة، فتنمية مصادر الدخل في البلاد ركن أساس لتحقيق التنمية الشاملة، ذلك أن اعتماد المملكة على النفط أصبح يشكل لها عقبة رئيسية. وبينما تزخر كل منطقة من مناطق المملكة بميزاتها التنافسية الاقتصادية التي تميزها عن غيرها، فإن التركيز على هذه الميزات سيحقق تنويع للدخل ويعزز من قدرات المملكة على تقليل الاعتماد على النفط من جانب، ويحقق لنا تنمية متوازنة، ولذلك جاءت محاور العمل على هذه الركن الثالث من خلال تنمية المدخرات وإيجاد فرص عمل من خلال تنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة. اذا مع الحفاظ على الثوابت وفي ظل نظام الدولة، سيتم العمل على تحقيق تنمية متوازنة من خلال تنويع مصادر الدخل، وهذا يتحقق إذا تم تحفيز المشاريع المتوسطة والصغيرة في كل منطقة، وهذا هو الركن الثالث من أركان رؤية الملك الاقتصادية، وهذا الركن يمكن أن يسهم بشكل واضح في التنمية المتوازنة إذا استندت كل منطقة إلى ميزاتها الاقتصادية، فيتم تحفيز وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كل منطقة على استغلال قدراتها وميزاتها النسبية، وكل ذلك يهدف إلى تحقيق العدالة وتوفير الوظائف في القطاعين العام والخاص وبالتالي تتمكن الدولة من تحقيق تطلعات شعبها. وعلى الرغم من التوجه الرئيس نحو تنويع مصادر الدخل لكن ميزاتنا السياسية وهي البترول، تظل ركيزة اقتصادية يجب تنميتها، ولهذا فلم تغفل رؤية الملك هذا الموضوع، ولهذا تضمنت الرؤية الاستمرار في عمليات استكشاف البترول والغاز والثروات الطبيعية الأخرى في المملكة. يأتي الركن الرابع من أركان الرؤية الاقتصادية للمك في دور الحكومة والقطاع الخاص وتؤكد الرؤية أن المسؤولية مشتركة في هذا الجانب، وقد شدد الملك في كلمته على أن رجال الأعمال شركاء في التنمية، وإذا كانت الدولة من خلال مشروعها في تنويع مصادر الدخل ستدعم فرص القطاع الخاص ليسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، فإن على رجال الأعمال في المقابل واجب الإسهام بمبادرات واضحة في مجالات التوظيف والخدمات الاجتماعية والاقتصادية. هذه العبارة الأخيرة في كلمته الملك هي جوهر المسؤولية الاجتماعية، وهو الركن الخامس من أركان المستقبل الاقتصادي لهذه البلاد، فالقطاع الخاص عليه مسؤولية اجتماعية يجب أن يقوم بها في السنوات المقبلة، وهذا المفهوم يجد رعاية خاصة من قبل مؤسسات الدولة.
ولأن الفساد هو أكبر معضلات الدول النامية وهو ما أكدته الدراسات والبحوث والمؤسسات الدولية على اختلافها، لذلك فإن مشاريع التنمية تشكل فرصة وبيئة مواتية للفساد، كما أن الفساد ليس اختلاس الأصول بالضرورة، بل سوء استخدام السلطة بشكل عام، وسوء إدارة وتصرف تؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروعات ومن ثم تأخير تنفيذ أهداف الرؤى الاقتصادية، لذلك فقد أكدت رؤية الملك على هذا الركن السادس، وأن تحقيق ما يتطلع إليه خادم الحرمين الشريفين يقتضي أن يقوم مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بمتابعة تنفيذها، كما أشار خادم الحرمين الشريفين إلى أنه وجه بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها مهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي