رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أسواق النفط تتكيف مع المتغيرات الجديدة «1من 2»

بين تقرير وكالة الطاقة الدولية لآفاق النفط على المدى المتوسط لهذا العام الذي صدر أخيرا، أن مجموعة من العوامل الدورية والبنيوية سوف تبقي استجابة الطلب على النفط إلى انخفاض الأسعار هادئا نسبيا، لكن سيتأثر الطلب في عديد من الدول الرئيسة المصدرة للنفط نتيجة لانخفاض الإيرادات. مع ذلك، توقع التقرير أن ينمو الطلب على المدى المتوسط أسرع قليلا من العرض، ما يسبب تشددا في الأسواق تدريجيا وارتفاع الطلب على نفط "أوبك" اعتبارا من عام 2016 فصاعدا.
تعتقد الوكالة أن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية خلال السنوات الثلاث الماضية، من المرجح أن يكون علامة فارقة في تاريخ أسواق النفط. لكن أسعار النفط تتطور باستمرار، وأسواق النفط لا تبقى على نفسها أبدا. ليس فقط مؤشرات أسعار النفط قد تغيرت، وإنما استجابة الأسواق لها قد تغيرت أيضا، حسب الوكالة.
على جانب العرض، تعكس توقعات الوكالة ليس فقط افتراضات انخفاض الأسعار، لكن أيضا الحساسية العالية للأسعار إلى النفط الصخري الأمريكي مقارنة بالنفط التقليدي، فضلا عن تبني منظمة أوبك سياسة جديدة في أواخر عام 2014 في محاولة منها للحفاظ على حصتها في أسواق النفط. على جانب الطلب، أوضحت الوكالة كيف أن الاستجابة إلى أسعار أدنى سوف تختلف في بيئة انكماشية منخفضة النمو مقارنة ببيئة عالية النمو.
تشير الوكالة إلى أن التحديات السياسية لا تزال تلوح في الأفق بصورة كبيرة، حيث يتوقف الكثير على نتائج المحادثات مع إيران بشأن ملفها النووي، على العنف في البلدان المنتجة للنفط مثل العراق وليبيا، وعلى مستقبل العلاقات بين روسيا والغرب. جميع هذه المخاطر الجيوسياسية هي بحد ذاتها السمة المميزة لأسواق النفط على المدى المتوسط، وفقا لتقرير الوكالة.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط سوف يتسبب في إعادة التوازن إلى أسواق النفط بطرق تتحدى النظرة التقليدية لاستجابة العرض والطلب. حيث أشار التقرير إلى أن طفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة جعلت إنتاج الدول من خارج "أوبك" أكثر استجابة لتقلبات الأسعار مقارنة بالفترات السابقة لانخفاض الأسعار.
وأضاف التقرير أن هذا التطور من المرجح أن يمهد الطريق لانتعاش سريع نسبيا. في الوقت نفسه، لا يوفر انخفاض أسعار النفط دعامة قوية لنمو الطلب على النفط كما كان الاعتقاد السائد.
مع قيام الشركات والدول المنتجة للنفط بخفض الإنفاق على المشاريع الاستخراجية في ظل انخفاض الأسعار الحالي، سوف تنمو إمدادات النفط ببطء أكثر بكثير ما كان متوقعا، لكن مع ذلك لا يزال التقرير يتوقع أن ترتفع الإمدادات العالمية بنحو 5.2 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020، والتأثير السلبي على الإنتاج سوف يختلف من مكان إلى آخر. سوف يأتي ثلثا هذا النمو من المنتجين من خارج منظمة أوبك، في حين سوف تسهم "أوبك" بنحو ثلث النمو فقط، حيث تتوقع الوكالة أن ينمو إنتاج المنظمة بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم بحلول 2020.
يتوقع التقرير أن يستعيد إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة عافيته في الجزء الأخير من فترة التوقعات مع تحسن أسعار النفط، سوف تبقى أمريكا الشمالية المصدر الرئيس لنمو الإمدادات للفترة المتبقية من هذا العقد.
على النقيض من ذلك، تواجه روسيا مشكلات كبيرة من جراء انخفاض الأسعار، العقوبات وتقلبات العملة المحلية، ما يدفع إنتاجه إلى الانكماش، على حد قول التقرير.
من ناحية "أوبك"، يتوقع التقرير أن ترتفع حصة المنظمة من مستوياتها المتدنية الأخيرة، لكنها لن تصل إلى المستويات التي كانت عليها قبل الارتفاع الكبير في إمدادات النفط الصخري.
على افتراض أن تبقى العقوبات الدولية المفروضة على إيران، يتوقع التقرير أن تنمو الطاقات الإنتاجية لـ"أوبك" بصورة محدودة لا تتجاوز 200 ألف برميل في اليوم، سوف تأتي الغالبية الساحقة من هذا النمو من العراق، وبالتالي سوف تكون في خطر كبير مع استمرار عدم الاستقرار الجيوسياسي هناك.
وسوف تبقى المخاطر الجيوسياسية على الإمدادات "مرتفعة بشكل غير عادي" في السنوات القليلة المقبلة، سواء في الاتجاه التصاعدي أو الهبوطي. قد يزيد انخفاض الأسعار من احتمالات الاضطرابات السياسية في اقتصاديات الدول النفطية التي تعتمد على تصدير النفط وفي الوقت نفسه لا تمتلك احتياطيات نقدية كافية، لكن هذا الوضع قد يوفر حافزا لتعظيم الإنتاج وتحفيز نمو الإمدادات.
من ناحية الأسعار، تقول الوكالة، إن التراجع الحاد الأخير في أسعار النفط ليس مثل باقي الانخفاضات السابقة. في هذه المرة، الانخفاض كان مدفوعا بالعرض والطلب على حد سواء، حيث إن النمو القياسي لإمدادات النفط من خارج "أوبك" في عام 2014 كان فقط أحد العوامل الرئيسة وراء الهبوط الحاد في الأسعار. العامل الرئيس الآخر هو الضعف غير المتوقع في نمو الطلب العالمي على النفط. على جانب العرض، لعبت تقنيات الحفر الأفقي والتكسير الحديثة دورا كبيرا في تطوير موارد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، التي كانت لفترات طويلة بعيدة المنال.
حدث الانخفاض الأخير في الأسعار أيضا في وقت شهدت فيه ديناميكيات الطلب العالمي على النفط ومكانة النفط في مزيج الطاقة تغييرات جذرية. على سبيل المثال، دخلت الاقتصاديات الناشئة مثل الصين مرحلة جديدة أقل كثافة لاستخدام النفط وتحول اقتصادها إلى الخدمات أكثر من التصنيع. في الوقت نفسه، تعيد ثورة تكنولوجيا المعلومات تشكيل الاقتصاد العالمي، بحيث أصبح أقل كثافة لاستخدام الوقود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي