الرياضيون ومعرض الكتاب

الرياضيون موجودون في كل مجال، ومن نشأ في الملاعب الرياضية بعضهم ترك عشقه من أجل إكمال هدف أكبر وسعيا لتحقيق غاية تداعب خياله بعيداً عن مجالها, تفوقوا وواصلوا نجاحهم في معترك الحياة العلمية والإدارية وباتوا فرساناً للقلم والتأليف، غير أن إنتاجهم ونبض الحرف لم يرسم لوحته الجميلة في ميدان الألعاب الرياضية وفنونها، وباتت المكتبة الرياضية المعرفية والثقافية السعودية تعاني شحا وجفافا لم يعد يكفي ويقدم ما يشبع نهم القارئ والباحث في المكتبة الرياضية، فلماذا التقصير عن الكتابة والتأليف، ويزداد الاستغراب حين نعلم أن كليات التربية الرياضية في جامعاتنا موجودة، فأين الإنتاج من دراسات وبحوث تمس وتعنى بالشأن الرياضي ومسابقاته وفن الإدارة الرياضية وغير ذلك، ومن أهم الأبواب التي من الممكن أن تكون رافدا للمكتبة الرياضية المذكرات الشخصية، التي تمثل بابا كبيرا في التدوين والإثراء المعرفي تفتح له كل الأبواب، ومن يقرأ فيه يجد لذة المعرفة الصرفة وحقيقة المشاعر في تدوين خلاصة التجربة وخفاياها، وتعطي نهجا لمن يأتي على آثارهم، وتقدم خلاصة تجربة رواد في مجالهم وكثيرا ما يتم الاحتفاء ويظهر الاهتمام الكبير بمثل تلك المؤلفات، فلماذا لا يبادر الرواد لدينا بتسجيل يومياتهم وأعمالهم في كتب تبقى رمزا لهم ودليلا لغيرهم, ولماذا لا نرى اللاعبين المميزين يقدمون تسجيلا لمسيرتهم وتميزهم، وأسباب هذا الرقي الفكري والرياضي الذي وهبهم الله إياه، وكيف كان لهم فضل التوفيق بين الميدان والنجاح خارجه واستمروا كبارا أينما حلوا.
دار كل هذا في بالي وأنا أراقب الحراك الثقافي في معرض الرياض الدولي للكتاب، وأتساءل أين المكتبة الرياضية، ولماذا لم نعد نحتفل بكل موسم ثقافي بأطروحة رياضية سواء في صلب القانون الرياضي أو التسويق أو الاستثمار أو في دراسة لحل معضلة رياضية تمنع التفوق والحصول على أفضل النتائج في لعبة معينة أو حتى في منطقة دون غيرها ومناقشة رغبات الجماهير وتأثير الاحتراف على صناعة الموهبة أو تأثير الرخاء الاقتصادي والتغير الاجتماعي على التفوق الرياضي واختفاء مساحات كبيرة من الملاعب الترابية, تعاني المكتبة الرياضية شحا كبيرا لن ينهيه سوى المبادرة والشجاعة في الدخول من هذا الباب والاستمرار في دعمها حتى تصبح يانعة مثمرة يجني ثمرها الجميع ويتناولون رطبها جنيا ينير لهم الدرب ويسهل عليهم وعورة المشوار وصعوبته.
وهذا لا يلغي الجهد الذي بذله الرواد في مجال التأليف الرياضي، وعلى رأسهم الدكتور أمين ساعاتي صاحب التجربة والمشوار الكبير في المجال الرياضي، حيث تنقل فيه لاعبا وإداريا في عدد من الأندية ومن ثم في مجال الإعلام الرياضي، ولقد ألف ما يقارب من 30 كتابا تناول فيها مواضيع شتى من التأريخ الرياضي والإعلام والخصخصة والعلاقات العامة وتدوين مسيرة بعض الشخصيات، فكانت أسفارا بمنزلة ركن الزاوية والحجر الأساس وجهدا لقلم بارع وفكر نير قدم تجربته وفكره في تأسيس قاعدة ثقافية للرياضة السعودية لرجل عشق الاتحاد لاعبا، وقدم خلاصة تجربته الإدارية في جاره النادي الأهلي، وهي صورة من اكتمل البيان والقلم في شخصه، فأصبح كحامل المسك يهواه ويعشقه الجميع، فمتى نرى الوجود والحضور للكتاب الرياضي ومن ثم التسويق الأمثل له ورعايته لأنه السبيل الأوحد لتطوير حقيقي وفعلي لمستوى ما يطرح، وكذلك لتعامل إيجابي مع الحراك والتطوير الذي ننشده، فدون قراءة وتثقيف لن يكون هناك توازن بين ما نطلبه من تطوير حقيقي وبين ما يقدم من دعم وتشجيع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي