ليتحرك اليمنيون أولا
لدي إيمان تام بمكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي، وثقلها الاقتصادي والسياسي دوليا، وأجد مشروعية في مطالب البعض بضرورة تدخلها لحل أي مشكلة أو خلاف يطول أي دولة عربية أو إسلامية، ولكن ثمة تساؤل يطرح نفسه وأراه منطقيا وعقلانيا يقول: كيف للسعودية أن تساعد من لا يساعد نفسه؟
لا شك أن السعودية لا يمكن لها أن تساعد من يرفض أو يتقاعس عن مساعدة نفسه، يجب أن تكون التحركات من داخل الدولة ذات الشأن، وأن يبادر أبناؤها وشعبها وجميع فصائلها السياسية إلى وضع الحلول، ثم يأتي دور السعودية في تقريب وجهات النظر وتوجيه النصح والمشورة.
مثلا في اليمن هناك من يسأل بُعيد ما حدث في أيلول (سبتمبر) الماضي .. أين السعودية؟ وأين دورها فيما يحدث؟ بل إن البعض وفي بعض وسائل الإعلام يطالبها بتحرك عسكري لمنع الانقلاب الحوثي، والغريب أن أحدهم لم يسأل: من خان وسلم معسكرات الجيش للحوثي؟ ومن سلم عتاد الجيش لهم، ومن سهل الاستيلاء على المدن اليمنية خاصة في الشمال دون إطلاق رصاصة واحدة؟
غير صحيح أن السعودية تتخوف من سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن، أبدا .. فالسعودية قادرة على حماية حدودها كافة من كل خطر سواء كان حوثيا أو غيره، من عليه أن يتخوف ويقلق هم أفراد الشعب اليمني، وهم من عليهم التحرك لإعادة الشرعية، ووقف هذا المد الحوثي صوب مدنهم ومحافظاتهم، هم من سيتضررون من تفرد جماعة صغيرة بالسلطة وفرض الأمر الواقع عليهم بقوة السلاح.
لا يمكن للسعودية تغيير واقع ارتضاه اليمنيون لأنفسهم، ولا يمكن لها أيضا أن تتأخر عن نصرتهم في حال فرض عليهم واقع رغما عنهم، ولكنها قبل التحرك يجب أن يبادر اليمنيون أولا إلى الانقلاب، وهو ما ظهر أخيرا عندما غادر أو هرب الرئيس هادي إلى عدن وسحب استقالته وأعلن نفسه رئيسا شرعيا للبلاد، والتف أغلبية اليمنيين حوله سواء من خلال بيانات صدرت من أغلبية الأحزاب أو تظاهرات شعبية في عدة مدن يمنية تأييدا لشرعية هادي.
اليمن جار عزيز .. وشعبه أشقاء .. ولا أحد يشكك في أن السعودية تتمنى الاستقرار الأمني والسياسي للبلد، والرفاه للشعب ولكنها ــ كما أسلفت ــ لا تملك عصا سحرية لتحقيق كل ذلك وحدها، على اليمنيين التحرك أولا ومساعدة أنفسهم وسيجدون السعودية حتما في صفهم مناصرة لهم ومعاضدة وساعية إلى استقرار بلادهم.