من لورانس إلى «داعش»
* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 594
* * *
* حافز السبت: إن أردت أن تعيد أي بناء من جديد، فتذكر أن عليك أن ترمي كثيرا من الطوب القديم، وتدخل كثيرا من الطوب الجديد.
* * *
* رأي الأسبوع:
شرقنا الأوسط، لم يكن ليسمى بذلك الاسم وبذلك التحديد لولا غلطة موظف أرشيف في الخارجية البريطانية أيام زهو الإمبراطورية، وولعها بالتقسيم، وسبق أن عرضت ذلك في مقال قديم نقلا عن كتاب وثائقي إنجليزي اسمه "الشرق الأوسط". من بدء تاريخ الشرق الأوسط وهو في مخاض لم يستقر ولم يتبلور. كانت نية بريطانيا أن تمسك بحبال دول معدودة آنذاك، تربط بيد بريطانية، مع كثير من الجواسيس الذين غطتهم المخيلة البريطانية بالرومانسي السياسي مثل "لورانس العرب". إن قرأت عن لورانس ستحسبه عدة رجال، كتبٌ تصفه بالمحب للعرب، وكتب تصفه بالجاسوس السياسي والاجتماعي الأول في العالم. وفي فيلم عنوانه لورانس العرب شارك فيه الممثل المصري عمر الشريف في شبابه، بدا لورانس أشقر بعيون زرقاء بالكوفية العربية، رسالته الدفاع عن قضايا العرب. إذن رجل أرشيف ورجل شديد الغموض بمهمة غامضة حركا رمالا تحت وفوق صحاري هذا الشرق الأوسط. الشرق الأوسط خرج خديجا به عشرات العلل، منذ إعطاء بريطانيا في أكبر جريمة جيوسياسية فلسطينَ لليهود. الأحداث التي بدأت من فلسطين كمحور، تشعبت وتشتت، وجاءت أفكارٌ واستورِدت أفكار اشتراكية ومحافظة وزادت شقوق الجدار الذي بني مائلا، آيلا للسقوط. تحولت أكثرية الحالة في الثمانينيات للجوء إلى مظلة الدين، فظهر صراع وقتال بين أهل الدين أنفسهم وخرجت طوائف وأفكار بعضها لا يقرها ولا يعرفها الإسلام. بدخول أمريكا صارت "أم الأحداث" بالشرق الأوسط .. وانكشف واضحا تقسيم بالمسطرة بين السنة والشيعة ولكل طرف أنصار، ثم انقسام الفكر السني الذي أوجد اضطرابات جديدة وانتهى بخروج "داعش" التي بزغت على ساحة عاتية وتوسعت بسكين في قالب كعك .. من أعطاها السكين؟ ومن طبخ لها الكعك؟ سؤالان سيحيراننا طويلا!
* خبر السبت:
أقرأ آراء غير رسمية بربط خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بما أسمي شرقا أوسط أفضل. بدأت أفكار الملك سلمان التي يبدو أنها كانت تشغله من مدة زمنية طويلة وتشربها، وأولها مسعى واضح لإعادة البناء الخليجي قبل كل شيء. وهذه نظرة صحيحة، فدول الخليج رغم تقسيماتها السياسية إلا أنها واقعا واجتماعيا غزل نسيج واحد بمواقع متقاربة. والتأثير في الشرق الأوسط من عنصرين: الذكاء السياسي وعدم التدخل المباشر بأي صورة مع أي دولة خارج الخليج، وأن أي تعامل مع أي دولة يجب أن يكون رأيا موحدا ومتماسكا من البناء الخليجي الذي أعيد بناؤه. بناءٌ خليجي متماسك وبقيادة مرجعية يقوي التأثير الخليجي الإيجابي داخله وخارجه، وسيحدث تتابعا تأثيريا موجبا لإعادة بناء شرق أوسط أفضل، دون أي تدخل أو تحزب من داخل أي دولة خليجية لدولة ضد أخرى، أو لأحزاب تتصارع في أي دولة. هذا التأثير، أدعو الله، أن يصب في مصلحة مجتمعات الدول العربية بتلقائية الأحداث والتقارب وتفرضه ظروف البقاء. فتنزاح تدريجيا الستارة السوداء عن المشهد الشرق أوسطي.
* * *
* والمهم:
ونحن نصبو إلى إقلاع نحو تطور جديد وفكر علمي وعملي، نحتاج إلى جناحين بكامل قوتهما وصحتهما، وهما جناحا التعليم والإعلام.