رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الطفرة الثانية للجامعات .. نحو استقلاليتها وجودة مخرجاتها

شهد التعليم العالي طفرة كبيرة وغير مسبوقة في عهد الملك عبدالله -يرحمه الله- تمثلت في توسع التعليم العالي وزيادة عدد الجامعات من ثماني جامعات فقط إلى 28 جامعة حكومية، إلى جانب إنشاء عدد كبير من الجامعات والكليات الأهلية، وهذا التوسع الكبير في التعليم الجامعي أتاح الفرصة للجامعات الكبيرة للتركيز على البحث العلمي والتوسع في برامج الدراسات العليا، ما سينعكس -بإذن الله- على التقدم العلمي بوجه عام، وعلى جودة مخرجات البحث العلمي بوجه خاص.
لا شك أن قرار دمج وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة هي "وزارة التعليم"، جاء ليؤسس الطفرة الثانية في التعليم العالي، وهذه الطفرة ستركز على جودة مخرجات التعليم العالي من خلال تخفيف البيروقراطية وزيادة استقلالية الجامعات في إدارتها وقراراتها، ما سيؤدي إلى تمايز الجامعات بما يحقق أهداف التنمية المستدامة في السعودية من جهة، ويعزز مفهوم اقتصاد المعرفة وبناء الشركات مع القطاع الصناعي من جهة أخرى. ومن المؤمل أن يُحدث هذا القرار كثيرا من الإيجابيات، ومنها:
أولا: تشجيع الإبداع والانفتاح في إدارة مؤسسات التعليم العالي، من خلال إدخال تخصصات متنوعة وجديدة تخدم حاجة سوق العمل مع التركيز على مهارات التعلم Learning لمساعدة الخريج على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة والمتجددة. فالحاجة أصبحت أكثر إلى التنوع التخصصي، بدلا من الاقتصار على التخصصات التقليدية، خاصة أن التخصصات المركبة، أي متعددة التخصصات multi-disciplinary التي تستفيد من عدة مجالات علمية تكون أقرب لمعالجة قضايا المجتمع متعددة الأبعاد مقارنة بالتخصصات التقليدية. فعلى سبيل المثال، لا توجد تخصصات في مجال الطاقة Energy ولا توجد تخصصات مهمة، مثل الهندسة البيئية Environmental Engineering والمياه Water Resources، كما تندر تخصصات مثل دراسات الطفل والأسرة، ودراسات المرأة، وكذلك التصميم الداخلي، وتصميم الجرافيك Graphic Design، والتصوير، ونحوها، وإنما يتم تناول هذه التخصصات ضمن برامج التخصصات التقليدية، ما يحد من توظيف مخرجاتها في مجالات حيوية تحتاج إليها سوق العمل وتشغلها العمالة الوافدة.
ثانيا: تسهيل الإجراءات والحد من البيروقراطية، فلا حاجة إلى الرفع للوزارة للموافقة على مشاركة الأساتذة في المؤتمرات، وكذلك تمديد الخدمة أو التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس، ولا يقل عن ذلك أهمية الموافقة على عقد الندوات والمؤتمرات. فمدير الجامعة المعنية ينبغي أن يتحمل مسؤولية الموافقة وذلك وفق معايير محددة، مثل علاقة الفعالية باهتمامات الجامعة العلمية وارتباطها بأهدافها الاستراتيجية، وكذلك خدمتها للتنمية والمجتمع.
ثالثا: تعزيز التنسيق والمواءمة بين مخرجات التعليم العام والتعليم العالي، ما يؤسس لتنسيق أكبر يحد من التوسع في تخصصات تعليمية لا تحتاج إليها سوق العمل في مجال التعليم، مثل الزيادة في مخرجات رياض الأطفال أو التربية الخاصة ونحوها.
رابعا: استقلالية الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، حيث تكون مسؤولة عن اعتماد الجامعات والبرامج الأكاديمية باستقلالية، بناء على معايير عالمية مقننة ومعروفة، وتوسيع مهامها لقياس أداء الجامعات على مستوى الجامعة والقسم والبرنامج الأكاديمي بناء على مؤشرات واضحة ومعلنة.
خامسا: استقلالية المركز الوطني للقياس والتقويم "قياس"، حيث يكون هيئة مستقلة، وبالتالي مسؤولا عن قياس جودة مخرجات البرامج الأكاديمية من خلال اختبارات تحصيلية موحدة على مستوى المملكة، أسوة بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية.
سادسا: يعتمد قرار اعتماد ميزانية الجامعات على "عقد أداء" بين الجامعات والحكومة وذلك وفق مؤشرات عادلة تأخذ في الاعتبار عدد الطلاب، وجودة مخرجات الجامعات "الطلاب"، وكذلك إنتاجها في مجال البحث والابتكار العلمي إضافة إلى الخدمات التي تقدمها الجامعات للمجتمع، خاصة الصحية والاجتماعية.
سابعا: أسوة بالجامعات العالمية، من المؤمل أن يشرف على كل جامعة مجلس أمناء يتكون من ممثلي وزارة التعليم، ووزارة العمل، والقطاع الخاص "رجال أعمال"، وعدد من الكفاءات وذوي الاختصاص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي