رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قطاع الرياضة: الفرص الضائعة والأمل

مر أسبوعان على رحيل ــ المغفور له بإذن الله ــ الملك عبد الله ــ طيب الله ثراه. جاءنا بعده خير خلف متمثلا في خادم الحرمين الملك سلمان ــ حفظه الله.
وطالعتنا الأخبار بالأوامر الملكية الجديدة، التي تهدف إلى المحافظة على الأمن الداخلي والتنمية الاقتصادية، وهما الملفان الأهم في أي حكومة معاصرة. فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية يظل ملف البطالة والإشغال الوظيفي من أهم التحديات التي تواجه الدول، وخاصة الدول التي تواجه نموا سكانيا سريعا، وتشكل فئة الشباب غالبية مواطنيها. وعند الحديث عن البطالة يكون التطرق دائما للدولة ووزارة الخدمة المدنية والقطاع الخاص. أرى أن البطالة أمر طبيعي في بلد أكثر من نصف سكانه من الشباب، بل ربما أتوقع تزايد معدل البطالة لعدة عوامل؛ منها الازدياد المتواصل في تعداد السكان وضعف قطاعات حيوية رئيسة؛ منها قطاع السياحة وقطاع الرياضة.
وقد كتبت حول الموضوع أكثر من مرة وسأعود للحديث عن قطاع الرياضة تحديداً لسببين: الأول إنه من أكثر القطاعات استهلاكاً لرأس المال البشري Human Capital، والثاني لضخامة الأموال التي ضختها الدولة منذ عقود، ومع ذلك لم تؤت ثمارها على الوجه المأمول. ولأنني من عشاق الرياضة ــ ما عدا كرة القدم التقليدية soccer ــ فيحزنني عدم استغلال هذا القطاع الحيوي للاستثمار في الشباب وخفض البطالة وكسب البطولات العالمية وتوسيع قاعدة الاقتصاد الداخلي. لن أتوسع في تشريح المعوقات التي أعادتنا للوراء، لكني سأضرب مثالا من الولايات المتحدة.
كان الأحد الماضي ختام موسم كرة القدم الأمريكية Super Bowl، الذي يعد حدثا قوميا سنويا تحشد له جيوشا من المتخصصين واللاعبين والفرق وجميع القطاعات المساندة من قطاع الإعلام والإعلان والطب الرياضي والتقنية وإدارات الملاعب والفن وغيرها مثل البحوث الرياضية والإحصائية والتأمين والتجزئة والمطاعم والمأكولات، وكلها تستفيد من الموسم الضخم. يذكر أن الموسم ومدته نحو 17 أسبوعا تتخلله 256 مباراة، حيث يلعب كل فريق 16 مباراة بالعد التنازلي حتى يحين موعد المباراة النهائية، وبلغ متوسط سعر التذكرة في السوق الثانوية قبل أسبوعين من المباراة 6500 دولار. وكانت تكلفة 30 ثانية إعلانية في أثناء المباراة 4.5 مليون دولار، وبرغم هذا نفدت جميع الدقائق الإعلانية المتاحة قبل أربعة أيام من المباراة. هذا مثال من أمريكا.
وعلى مستوى السعودية؛ فعلى مدار العام المواسم والبطولات الرياضية لا تتوقف. وقد ترك الملك الراحل عبد الله ــ رحمه الله ــ خلفه إرثا ضخما في الملاعب التي تم الانتهاء منها وأخرى تحت الإنشاء، فكم من السعوديين يعمل في إدارتها وتشغيلها؟ كم سعودي "وسعودية" يعمل في إحصاءات وعلوم الرياضة لتأهيل الجيل المقبل؟ كم سعودي متخصص في الطب الرياضي؟ كم سعودي حصد ميداليات ذهبية على مدى الـ 20 عاما الماضية مثلا؟ وأنا لم أتطرق لرياضة السيدات ــ التي مع الأسف لا تزال ممنوعة في المدارس الحكومية ــ ولم أتناول أنواع الرياضات الأخرى. وأتوقف هنا بتوجيه نداء للأمير عبدالله بن مساعد: ما زال أمامنا شوط طويل وتحديات عديدة، لكن المستقبل أكبر ولن ينتظرنا، والأرقام تبين لنا ما يمكن تحقيقه اقتصاديا لو تم تحرير هذا القطاع العظيم من القيود التي كبلته وأعاقته وحرمت شبابنا وبناتنا الاستفادة منه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي