الاستثمار في النفط يتوارى خلف الطاقة المتجددة
يبدو أن الاستثمارات الجديدة لشركات النفط العملاقة مثل "شيفرون" في مجالات الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية قد شهدت عاما عظيما. حيث أقامت الشركة مشاريع ذات عوائد تراوح بين 15 و20 في المائة، ووضعت خططا لبناء عدة محطات للطاقة الحرارية الأرضية في أوروبا. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، روجت "شيفرون" لمبدأ "الطاقة المتجددة المربحة" بوصفه عنصرا أساسيا من خطة أعمالها، كما نشرت شعار الشركة "التوصل إلى طرق أحدث وأنظف لإمداد العالم بالطاقة" عبر موقعها على شبكة الإنترنت. وحملت إعلانات الشركة التي أطلقت كجزء من حملة "نحن موافقون" في عام 2010 "لقد حان وقت وقوف شركات النفط وراء تطوير الطاقة المتجددة".
إلا أن شركة شيفرون قد تراجعت أخيرا عن محاولاتها الرئيسية لإنتاج الطاقة النظيفة. وهذا يشمل مجموعة الطاقة المتجددة، التي استثمرت في أو شيدت مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية ذات هامش يراوح بين 15 و20 في المائة أو أكثر، وفقا لعديد من الأشخاص الذين عملوا في هذه المشاريع.
ثم غيرت شركة شيفرون رأيها، وقامت عبر سلسلة من الصفقات ببيع الوحدة بل وغيرها من الوحدات التي تقوم بإنشاء مرافق الطاقة الشمسية الصغيرة وتحسين كفاءة الطاقة، كما ألغت مزرعتي طاقة شمسية عملاقتين في هاواي، وفقا لتقارير نشرت في مجلة بل ومبرج. وبذلك تكون شركات النفط الكبرى قدمت تراجعا شبه نهائي عن مجال الطاقة الشمسية.
لماذا حدث ذلك؟ إنه سؤال محير بالنسبة لأولئك الذين شهدوا شركات النفط الكبرى تنفق أموالها وتضفي اهتمامها على الطاقة النظيفة، ثم بعد سنوات قليلة يخرجون فجأة من المجال. ومنذ عام 2000 نفذت ثلاث شركات عملاقة -بريتيش بتروليوم وشيفرون ورويال داتش شل- مشاريع في مجالات طاقة الرياح والوقود الحيوي والطاقة الحرارية الأرضية. وجميعها شركات احتلت مكانة كبيرة في مجال الطاقة الشمسية وأحيانا أكثر من مرة، بل وكانت قادرة على المنافسة أو حتى الهيمنة. والآن حيث تكتسب الطاقة الشمسية زخما تسويقيا لم يسبق له مثيل، تختفي شركات النفط الكبرى من الصورة تماما.
ويقول المحللون الذين يغطون هذه الصناعة "إن ما يحدث ليس أن شركات النفط والغاز تريد قتل الحلول منخفضة الكربون الوليدة التي تبنتها يوما، أو أنها حتى تجدها تهديدا لمصالحها". ويقدم هؤلاء المحللون إجابة واضحة: إن قطاع النفط آخذ في التغير، والأوقات الحالية صعبة. فالمشاريع التي كانت تحقق الأرباح الطائلة لم تعد أربحاها كما كانت. ويرى ليسلي برينكر -محلل أسهم النفط والغاز في شركة IHS- "ليس من بين الخيارات القوية لهذه الشركات أن تنفق كثيرا من المال والوقت على مصادر الطاقة المتجددة عندما تواجه تحديات أكيدة في الصناعة الأساسية التي تعمل فيها".
حتى تلك الأرباح المنخفضة تحلق عاليا فوق الهامش المتحقق في الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، حيث تتسم المشاريع بالبطء والبيروقراطية والصعوبة. وحتى إذا كانت هناك أي أرباح فهي ضئيلة جدا لإقناع مسؤول تنفيذي في مجال النفط. ولكن هناك تفسير آخر حيث يقول مسؤول تنفيذي عمل مع شركة شيفرون وفي مجال صناعة الطاقة الشمسية "إنه على الرغم من أن شركة النفط كانت سعيدة بدعم الطاقة الشمسية ببعض المال، فقد فقدت الاهتمام عندما بدأ الاستثمار يتطلب أموالا حقيقية، لأعمال تجارية هي غير مؤمنة بها في الأساس".
عندما تكون لديك تجارة أساسية في مجال النفط والغاز ناجحة جدا ومربحة، فقد يكون من الصعب جدا تبرير الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. فالأمر يتطلب التزاما كبيرا في مستويات الإدارة العليا. وهذا التراجع عن مصادر الطاقة المتجددة لم يفاجئ بعض المحللين الذين يقولون إنه حتى الأرباح التي تصل إلى 20 في المائة يمكن لمشاريع النفط والغاز التفوق عليها حيث تدر أرباحا تراوح بين 25 و35 في المائة. إن مصادر الطاقة المتجددة لشركات النفط ستكون دائما في ذيل أولوياتها.
ولم تعلن جميع شركات النفط تبنيها الطاقة الخضراء. ووفقا لتقرير عن كيف ينظر المستثمرون إلى مخاطر الكربون، صرحت شركة إكسون موبيل XOM بأن تركيزها الدقيق على الوقود الأحفوري هو استراتيجية سليمة بغض النظر عن تغير المناخ، وذلك لأن العالم يحتاج بشكل كبير إلى مزيد من الطاقة، كما أن احتمالية خفض الكربون بصورة كبيرة هي احتمالية غير مرجحة تماما.