رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«رعاية الشباب» .. ومراكز الرياضة النسائية المغلقة

حين تأسست الرئاسة العامة لرعاية الشباب في مطلع السبعينيات قبل 60 عاما تقريبا كانت استراتيجيتها المعلنة تركز على تنمية مهارات الشباب واحتواء طاقاتهم في مختلف المجالات الرياضية، والفنية، والثقافية، وقد حققت الرئاسة منذ إنشائها كثيرا من النجاحات التي لا يجهلها المنصفون، وأسست بنية تحتية جيدة في معظم المناطق لخدمة الشباب والرياضة، وربما طغى الاهتمام بكرة القدم على برامج الرئاسة أخيرا، وحاولت أنشطة الفروسية، وألعاب القوى، والألعاب الأخرى المزاحمة لكنها بحاجة إلى المزيد أسوة بكرة القدم.
هذا الاهتمام والنجاحات السابقة كانت موجهة "للذكور" فقط ومارست "الرئاسة" بقصد أو بغير قصد إقصاء محيرا تجاه المرأة، وكأن مفردة "الشباب" التي اعتمدت في مسماها الرئيسي، وفي مفردات نظامها الأساسي تعني "الذكور" فقط وليس "للبنات" منها نصيب، وكنت أتوقع أن الاهتمام بالمرأة سقط سهوا من استراتيجيات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لكني سألت مسؤولا سابقا عمل في "رعاية الشباب" وأخبرني بأن الرئاسة أصدرت في أوقات سابقة تعاميم تنص على منع المرأة من دخول المنشآت الرياضية التابعة لها، وكذلك منعها من دخول الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون التي كانت تتبع لها قبل انتقالها لوزارة الثقافة والإعلام، التي بادرت بفتح المجال للمرأة ونتج عنها حضور ثقافي رائع عكس الوجه المشرق للمرأة المثقفة وإسهامها في خدمة وطنها.
وهذا يعني أن "الرئاسة" مارست إقصاء المرأة في السنوات السابقة عمدا، ولا أعلم هل قناعة من مسؤوليها آنذاك؟ أم نتيجة وجود أشخاص ذوي فكر متشدد أسهموا في التأثير على أصحاب القرار كما حدث في مؤسسات أخرى أسهمت في إقصاء المرأة، وتغير الأمر مباشرة بتغيير مسؤوليها؟
وفي كل الأحوال استمرار هذا الإقصاء أمر مخجل وغير مقبول لوطن لم يعد منغلقا، بل جزءا مؤثرا في العالم، ولا يتناسب مع المتغيرات الكبيرة التي تمر بها المملكة، والاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة لمكافحة التمييز، وارتفاع مستوى الوعي بأهمية مشاركة المرأة في تنمية الوطن أسوة بالرجال، وهو الأمر الذي بادرت بتبنيه معظم المؤسسات لدينا باستثناء "رعاية الشباب".
وحين أطالب "رعاية الشباب" بالاهتمام بالمرأة فلا يعني المطالبة بأفكار غير واقعية مثل منتخبات نسائية، أو مشاركتها في الأندية الحالية لتزاحم الشباب، ولكن هناك الكثير الذي يمكن تنفيذه ليسهم في استفادتها ويحفظ لها كرامتها وهي مطالب متكررة تنم عن حاجة ملحة وليس ترفا.
وعلى سبيل المثال ليس هناك أي مكان ترفيهي يلائم المرأة حاليا سوى الأسواق والمطاعم بعكس الشباب الذين يجدون أماكن متنوعة وتزداد هذه المعاناة في مواسم الإجازات، فأما السوق والمطاعم أو المكوث في البيت، وكم تمنيت لو تبنت "رعاية الشباب" تأسيس مراكز رياضية نسائية مغلقة في كل مدينة وفق إشراف نسائي مهني يضمن تقديم خدمات متميزة واحتواء أوقات الفتيات بما يفيدهن فعلا ويعزز الثقافة الصحية.
أما الأمر الآخر، فهو يخص المستثمرين، فإنشاء مراكز رياضية نسائية ممنوع وبقوة، ولا أعرف ما مبرر المنع لمستثمر يريد أن ينشئ مركز رياضيا مغلقا تمارس فيه الفتيات ما شئن من الألعاب الرياضية الممتعة، وفق شروط واضحة ومعلنة للجميع ويخضع للرقابة من مختلف الجهات، ما الذي تخشاه "الرئاسة" ولا نعرفه؟ كيف لها أن تتجاهل مطالب المجتمع وكأن الأمر لا يعنيها، ليس هناك مبرر لهذا المنع سوى الفكر الإقصائي الذي لم يعد يتلاءم مع عصرنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي