رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل عبر المهرجان عن عبقرية جدة؟

تنظم في هذه الأيام اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية المهرجان السنوي لجدة التاريخية، وينظم المهرجان في هذا العام -لأول مرة- بعد أن أصبحت جدة التاريخية رسميا ضمن قائمة التراث العالمي.
وطالما أن جدة التاريخية دخلت النادي العالمي وانضمت إلى قائمة التراث العالمي رسميا، فكان لا بد أن ينظم مهرجان جدة التاريخية وفقا لقواعد المهنية العالمية، أما أن ينظم المهرجان بالأساليب نفسها والإمكانات البدائية التي كان ينظم بها في السنوات السابقة، فإن اليونسكو سوف تسجل علينا مآخذ يجب أن نتجنبها قبل أن تسجل علينا.
ونذكر بهذه المناسبة أن هناك مهرجانات اكتسبت مكانة عالمية وأصبحت من أفضل عشرة مهرجانات في العالم، ومنها مهرجان الخريف في هونج كونج، ومهرجان الثلج في اليابان، ومهرجان كرموز في الولايات المتحدة، ومهرجان كرنفال في البرازيل، ومهرجان دي والي في الهند، ومهرجان الأرز في إندونيسيا، وغير ذلك من المهرجانات التي اكتسبت شهرة ومكانة عالمية.
وأرجو أن تكون هذه المهرجانات تحت ملاحظة اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية، وأن تسعى ما وَسِعها الجهد كي تتسابق معها حتى تخرج مهرجانا يليق بصفة العالمية التي أصبحنا نحملها.
نحن نريد من مهرجان جدة التاريخية أن يسعى كي يكون واحدا من أفضل عشرة مهرجانات في العالم، إذا لم يتحقق ذلك في العام المقبل أو الذي يليه، فلا أقل من أن يكون هدفا نسعى إلى تحقيقه في سنة من السنوات المقبلة، وعند هذه النقطة نطرح فكرة التعاقد مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة التي لها باع طويل في تنظيم المهرجانات العالمية لتتولى مسؤولية تنظيم المهرجان.
إن التنظيم الإداري للجنة العليا لمهرجان جدة هو تنظيم تقليدي، لجنة عليا فحسب وكان الأجدر أن يشكل مجلس إدارة للجنة وأن يصدر مجلس الإدارة لوائح تنظيمية تحدد وظائفها وأعمالها وكيفية تشكيل أعضاء مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه، وتوضح مساحة الصلاحيات التي يجب أن تضطلع بها هيئة الآثار والسياحة لأن المهرجان هو عبارة عن تراث وآثار وسياحة، ومع الأسف لم نر دورا للهيئة في المهرجان، كذلك توضح اللوائح كيفية ضم النخب من المؤسسات العلمية ومن أصحاب الخبرة، ويجب أن تنص اللوائح التنظيمية على النشاطات والبرامج التي يضطلع بها المهرجان، ودعوني أكن صريحا، فاللجنة العليا تحتاج إلى كفاءات تتولى سلسلة من المسؤوليات التي لها خبرة في مجال المهرجانات العالمية.
إن تنظيم المهرجانات لم يعد مجرد ألعاب وعروض للفرح، بل أصبح علما وفنا نستعرض من خلاله الأمجاد الوطنية ونتذكر الذكريات العبقة، ونستلهم الدروس لتحقيق التقدم.
لذلك فإن تنظيم المهرجانات أصبح علما يدرس ضمن قائمة مواد علوم العلاقات العامة، أي أن تنظيم المهرجانات ليس مجرد برنامج لتنفيذ سلسلة من النشاطات مثل حفل الافتتاح وإلقاء كلمات الإشادة وتوزيع الجوائز فحسب، بل لكل مهرجان هوية تتمحور حولها كل برامج المهرجان، ويجب أن يحمل مهرجان جدة التاريخية هوية ويعبر عن فلسفة يسعى إلى تحقيق أهدافها.
نحن لم نر في مهرجان جدة هوية جدة التاريخية، لم يتضمن المهرجان واحدة من أهم فقرات المهرجانات الدولية مثل المواكب والمسيرات Parade، كما لم نر في المهرجان برامج غنائية، فعبقرية جدة هي وراء نجاح وشهرة كثير من الفنانين الكبار مثل طارق عبدالحكيم وطلال مداح ومحمد عبده وعبدالمجيد عبدالله ومحمد عمر، بل كل الفنانين السعوديين البارزين قدمتهم هذه المدينة الموهوبة الباسلة الباسمة، ونعرف جميعا أن أول ناد رياضي سعودي تأسس في جدة، ومع ذلك لم نر مطرحا للرياضيين في المهرجان، حتى برامج المحاضرات الذي كنت طرفا فيها فلم يشارك فيه نخبة المفكرين والأدباء الذين صنعتهم جدة، وشارك في إحياء المحاضرات بعض من نحترمهم، ولكن هذا البعض لا يتوازى مع الخير والفضل اللذين أسدتهما جدة لثلة من الأدباء الكبار.
المفترض أن يكون مهرجان جدة لكل الفعاليات، وأن يكون لهذه الفعاليات أدوار بدءا من الأدباء والمفكرين والشعراء ثم المغنيين والفنانين حتى الرياضيين، نريد أن نرى مسيرات في الشوارع وعربات تحوي رموز جدة التاريخية، تجوب شوارع جدة، وشخصيات فولكلورية جداوية بلباس زمان تعتلي العربات، المفترض أن تتزين بيوت جدة التاريخية وأزقتها ومنعطفاتها بكل ما يعبر عن العادات والتقاليد التي كانت سائدة التي أعطت المجتمع الجداوي صفة العبقرية، أين الثقافة التنويرية التي برعت فيها جدة حتى أسس فيها أول ناد أدبي في المملكة، نعم جدة بلد الثقافة والتنوير، ففيها أسست أول مدرسة نظامية وهي مدرسة الفلاح، وفي جدة أصدر الجداوي محمد صالح نصيف في عام 1930 (1350هـ) أول صحيفة في المملكة صوت الحجاز (صحيفة البلاد حاليا).
مرة أخرى نريد مراجعة شاملة لمهرجان جدة التاريخية، وحبذا لو تعاقدت اللجنة العليا لمهرجان جدة مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة لتنفيذ مهرجان جدة التاريخية المقبل، ولا ننسى أن المهرجانات العالمية تدر أموالا هائلة لو تمت إدارتها بحنكة وخبرة، ولذلك نحن نبحث عن دور هيئة الآثار والسياحة ونؤكد أن لكل جهة دورها الضروري والمهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي