رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إبداعات الشباب ما بين الرعاية والسخافة

مع تطور تقنيات التصوير وتدني أسعاره، وإدماج كاميرات فيديو في معظم أجهزة "الجوال" انتشرت مقاطع فيدو من صنع الشباب وعامة الناس تدعو إلى التوقف وتثير الحيرة بل تطرح كثيرا من التساؤلات المهمة ذات الطبيعة الاجتماعية والنفسية. أحد الآباء يضع طفله الصغير البريء في مواجهة شرسة مع خروف هائج دون اكتراث بصرخات الاستنجاد وطلب المساعدة أثناء هجوم الخروف عليه ومناطحته جسمه النحيل بل قابل الأب خوف الصغير بالضحك والاستمتاع أثناء التصوير، ربما لإشباع إحساسه بالفراغ وفقدانه القدرة على إنتاج أي عمل ناجح أو مفيد. وكما ظهرت خلال الأيام الماضية "موضة" – أقول موضة لكثرتها – نعم ظهرت لدى الشباب موضة تصوير سياراتهم وهي تسير دون سائق وهم يمارسون حركات وأنشطة متنوعة. فمثلاً مجموعة الشباب في سيارة تسير على أرض منحدرة انحداراً بسيطاً، وقد وضعوا عليها حبالا تشبه "العنان" الذي يُوضع على البهائم وآخرين يتركونها تسير في منحدر وهم يمارسون الطبخ فوق ظهرها، ولم تمض لحظات حتى اشتعلت السيارة فقفزوا هاربين! وتتعدد السخافات فنشاهد شابا يتباهى بدهس أرجل كلب في الصحراء! وشابا آخر يشعل النار في جريدة يقرأها أحد زملائه بين يديه دون علمه ما قد يتسبب في إشعال حريق في المجلس الذي يجلسون فيه، خاصة أن أغلب مكوناته تتكون من الأقمشة. ومجموعة يتباهون بقنص حيوانات نادرة. هذه أمثلة من فيض "إبداعات" هؤلاء الشباب.
مع الأسف الشديد، لا يمكن وصف هذه المقاطع وأشباهها إلا بضحالة المحتوى، وعدم وضوح الهدف، وسخافة المنفذين، وهي في معظمها تحاكي "الكاميرا الخفية" بغباء، أو تستغل براءة الأطفال، أو تنتهك الحقوق الشخصية للآخرين دون اكتراث أو احترام لهذه الحقوق.
على الرغم من أن هذه الأفعال والتصرفات تعكس الفراغ الكبير، وكذلك الخواء الفكري، إلا أن هذا الأمر يثير تساؤلات تستحق التوقف والدراسة من قبل علماء النفس والاجتماع، للوقوف على الدوافع وراء هذه التصرفات وإمكانية تحويلها وتوجيهها لما يعود بالنفع على المجتمع.
وبناء عليه، فإن الحاجة كبيرة إلى رعاية الشباب وإيجاد برنامج لتنمية الإبداع أي كان نوعه، وتوجيهه نحو الإبداع النافع للمجتمع، ولعل من المناسب رعاية مثل هذه البرامج من قبل جهات معنية بذلك مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية و"موهبة". كما أرجو أن تلبي استراتيجية الشباب "المنتظرة" هذه الاحتياجات. ومن جهة أخرى، فإن بعض المقاطع المذكورة وغيرها تعكس التعطش لممارسة التمثيل ما يُوجب تنشيط هذا الجانب واستقطاب هؤلاء الشباب في برامج لتنمية مهارات التمثيل والمسرح من خلال برامج تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بهذا الجانب من قبل وزارة التربية في برامجها وأنشطتها غير الصفية.
وأخيراً ضرورة وقوف المجتمع في وجه العنف ضد الأطفال، وتفعيل الأنظمة الكفيلة بحفظ حقوقهم وتوفير البيئة المناسبة لتنشئتهم ووضع الأنظمة التي تعطي الحق للمجتمع بسحب حقوق "الوالدية" من الذين لا يستحقون نعمة الأطفال وزينة الحياة ومستقبل الأمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي