التحرك بعد «الكارثة»
لا أقلل من جهود الحكومات والشعوب أو هيئات الإغاثة في نصرة إخوتنا اللاجئين السوريين في المخيمات المقامة في الدول المجاورة لسورية كتركيا ولبنان والأردن، ولكن تلك الجهود ــ مع الأسف ــ لا تأتي في الغالب إلا في الوقت الضائع.
بعد العاصفة التي سميت في بعض البلاد بـ"هدى"، وضربت تركيا والدول العربية المجاورة لسورية، وتضررت منها مراكز اللاجئين والمخيمات، ومات بسببها البعض، هبت الحكومات وهيئات الإغاثة لنجدة اللاجئين. كنا نعلم أن الشتاء قارس ووسائل التدفئة معدومة، فلم لم نتدخل ونوفر لهم ما يحتاجون إليه، وننظم الحملات قبل دخول الشتاء؟! لم نتدخل إلا في الوقت الضائع، وبعد أن تضررت المراكز، وكثر التوسل والاستجداء.
المشاهد التي تلت العاصفة وموجة البرد القارس التي ضربت مراكز اللاجئين السوريين كانت مؤلمة، وصور الأطفال الموتى من جراء البرد كانت قاسية، والتحرك جاء متأخرا وفي الوقت الضائع، ولم نستطع نجدتهم في الوقت المناسب، وكان الضرر كبيرا، ومرت العاصفة وبعضهم بغير مأوى.
الإخوة في سورية، وخصوصا اللاجئين منهم، يمرون بظروف صعبة تتطلب التدخل وتنظيم الحملات على مدار العام، لا يقبل ــ إن كنا حريصين على نصرتهم ونجدتهم ــ انتظار الكارثة حتى تقع لنقوم بأمر لا يسمن ولا يغني من جوع.
تلك الملايين الهاربة واللاجئة من ويلات الحرب وبطش آلة بشار المدمرة إلى دول الجوار السوري تمر بكارثة تعد أكبر كارثة عرفتها البشرية في القرن الحالي، ونصرتهم ونجدتهم مسؤوليتنا نحن كإخوة لهم يربطنا بهم الدين والدم، وغير مقبول أن نركن لدور هيئات الإغاثة الأجنبية أو هيئة الأمم المتحدة.
علينا كشعوب عربية ومسلمة ألا ننسى إخوتنا اللاجئين، وأن يكون وضعهم أكثر ما يشغل تفكيرنا، علينا أن نذكر البعض بأحوالهم، وأن نشحذ الهمم في توفير ما يحتاجون إليه على مدار العام، وأن نسبق الكوارث ونوفر ما يحتاجون إليه، لا أن يكون تدخلنا في الوقت الضائع كما نفعل في كل عام.
محزن جدا، أن تتأمل السوريين اللاجئين كبارهم وصغارهم وسط البرد وتساقط الثلوج وانهمار الأمطار، وبعضهم في العراء لا مأوى أو وسائل تدفئة، مؤلم جدا أن نكون نحن ــ بعدم نجدتهم ونصرتهم ــ سببا في تسرب الحنين للماضي إلى نفوسهم، مؤلم جدا أن تحن قلوبهم إلى حضن "الدكتاتور" من جديد بعد أن خسروا كل شيء ولم يجدوا من ينصرهم.