رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مقترحات للتغلب على مارد الاختبارات

تطرقت الأسبوع الماضي إلى آلياتنا في التعامل مع الاختبارات وكيف إننا كأفراد وكمؤسسات تعليمية جعلنا منها ماردا يخرج لأبنائنا كل عام مرة أو مرتين. وقد علق البعض على هذا فذكر أن وظيفة الطالب تتمثل في استذكار الدروس وبذل الجهد ودخول الاختبارات فلماذا نصعد من ذلك؟ وهذا صحيح وأنا لا أطالب بتدليل الطالب واسترخائه فعليه بالفعل أن يذهب إلى المدرسة ويحصِّل دروسه ويبذل كل ما في وسعه من أجل التحصيل والمذاكرة واكتساب المهارة، ولكن الذي أعترض عليه آليات التقييم أو بمعنى أصح طريقتنا في تعظيم وتفخيم آليات التقييم من الاستعداد المبكر للاختبارات من قبل المدارس وتسريح الطلاب قبل فترة الاختبارات بعدة أيام وأداء الاختبارات في ظروف تخلف تماما عن أيام الدراسة العادية ومشاركة جهات خارجية في تعظيم هيبة الاختبارات مثل وسائل الإعلام وخطباء المساجد.
وأريد في هذا المقال أن أطرح ما لدي من حلول لمعالجة هذه الأزمة التي أوقعنا أنفسنا وأهلينا وأبناءنا فيها. نحن نلاحظ أن اختبارات أعمال السنة في المدارس والجامعات تمر بسلاسة وانضباط، وجميع تلك الملايين من الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات تؤدي ليس اختبارا واحدا بل عدة اختبارات خلال الفصل الدراسي دون ضجيج ودون ربكة ودون تعطل حركة المرور ودون تفحيط ودون عبث إلا أن الأزمة الحقيقية تظهر في الاختبارات النهائية. فلماذا لا يتم إعادة جدولة الاختبارات، حيث يلغى الاختبار النهائي ويتم توزيع درجاته على درجات أعمال السنة أو زيادة اختبار أعمال سنة ثالث وإعفاء الطلاب من الاختبارات النهائية؟
فاذا كانت درجة الاختبار من 50 على سبيل المثال فلنخصص عشر درجات لاختبار أعمال السنة الأول، وعشر درجات لأعمال السنة الثاني، وعشر درجات لأعمال السنة الثالث، وبقية الدرجات توزع على شكل واجبات صفية ومنزلية ومشاركات. رغم أن الاختبارات التحريرية أحد أهم وسائل التقييم في المدارس والجامعات إلا أن هناك طرق أخرى تدعم ذلك مثل الواجبات الصفية والمنزلية والأبحاث المكتبية والميدانية وتقييم المجهود الذاتي للفرد ومجهوده بين مجموعة، فلماذا لا تطوع هذه الآليات لقياس تحصيل الطلاب؟
كما ينبغي على مؤسسات التعليم تهذيب آليات إدارة الاختبار داخل القاعات عن طريق تخفيف المراقبات المبالغ فيها من قبل المدارس والجامعات وعدم النظر إلى الطالب بريبة وشك وتوقع الانحراف منه. ما ضر لو ولج الطلاب إلى قاعات الامتحان دون رقابة، ودون طلاء الجدران، ودون عيون الشك والريبة التي تحيط بهم. فعلى مدارسنا وجامعاتنا أن تظن بالطلاب الظن الحسن وتتوقع منهم الصدق، والموضوعية، والأمانة، وإن سولت لأحدهم وادخل معه ما يرى أنه يعينه في تذكر معلومة فلننظر إليه من طرف خفي حتى يستيقظ ضميره ويخفى ما بحوزته وبذا نمنحه فرصة العودة وتصحيح الصورة وأظنه لن يعاود الكرة.
نلاحظ كذلك أن مؤسساتنا التعليمية تتعمد تغيير أستاذ المادة خصوصا أثناء الاختبار النهائي للمراقبة على الطلاب وهذه آلية غير تربوية. فما الضرر من أن يشرف أستاذ المادة بنفسه على اختبار طلابه ويراقب عليهم فقد صحبهم عاما كاملا يعرف المتفاني من الكسول والجاد من المهمل، وقد منحناه الثقة في تعليمهم، وتقويم سلوكهم، وتهذيب أفكارهم أفلا نثق بإشرافه عليهم أثناء الامتحانات؟ فلو علم الطالب أنه سيمتحن في قاعة الدرس التي ألفها طوال العام وبمعية زملائه الذين عاشرهم خلال أيام السنة وبإشراف معلمه الذي اعتاد الحديث معه وألف سلوكه وطريقة ترغيبه وترهيبه فسيهون عليه الأمر ولن يكون هناك شذوذ في سلوكه.
تقوم مؤسسات التعليم بفصل الاختبارات النهائية عن بقية الاختبارات والأنشطة المدرسية الأخرى وتعد لها العدة، حيث يرى الطالب البيئة المدرسية يوم الاختبار النهائي بشكل مختلف عن السابق رغم أنها المدرسة نفسها والوجوه نفسها. فبعد أن تعود الطالب على حصص متتالية يرى نفسه في برنامج مغلق محصورا على مواد بعينها وهذا بدوره سينعكس على سلوكيات الطلاب خلال فترة الامتحانات وهو الذي يحدث الخلل خارج بيئة المدرسة فنرى ازدحاما مروريا وتعطلا لأعمال قطاعات حكومية لأن الطلاب وفقا للجدول الجديد ينصرفون من مدارسهم مبكرين دفعة واحدة في غير وقت العادة، ما يضطر أولياء أمورهم إلى ترك أعمالهم لتوصيل أبنائهم إلى مساكنهم ثم العودة مرة أخرى للعمل. وإن كان الطالب يغدو ويروح مع السائق فنرى حركة مرورية في غير وقت الذروة وهذا يربك حركة المرور ويربك عمل قطاعات الدولة. لذا أرى إعادة جدولة الاختبارات بحيث يتم إلغاء الاختبار النهائي وتوزيع درجاته على أعمال السنة فهذا سوف يتغلب على كل هذه الأمور التي تظهر فقط خلال الاختبار النهائي.
هذه مقترحات خاصة بالمؤسسات التعليمية أما الجهات الأخرى فعليها أن تبتعد عن الساحة إبان فترة الاختبارات. فعلى الصحافة على سبيل المثال أن تكف عن إعداد التقارير المفزعة التي تصف استعداد المدارس للاختبارات كما نرجو من القيادات التربوية والأكاديمية ألا يتحفونا بعرض مسيراتهم في وسائل الإعلام وهم يتفقدون قاعات الاختبارات حتى لا تنطبع هذه الصورة في ذهنية الطالب. كما نتمنى من أئمة المساجد والوعاظ ومن في حكمهم عدم اجترار الأسطوانة التي نسمعها كل عام بربط الاختبارات في المدارس والجامعات بالاختبار يوم العرض الأكبر أمام رب الأرض والسموات العلا، فالناس في اختبار الدنيا يقبلون على الناس بينما في الأخيرة يقبلون على رب كريم غفار والربط هنا مرفوض مرفوض مرفوض. هذه بعض الاقتراحات أردت أن أشارك بها الجهات المعنية لتخفيف وطأة الاختبارات النهائية عن الطلاب وأولياء الأمور والجهات الخارجية. وأنا متأكد أن التربية والتعليم والتعليم العالي عندهما الكثير من أجل التغيير إلى الأفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي