رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


النفط وأسعار الأصول

بعد أن اطمأنت الأسواق والمشاركون إلى مستوى جديد من أسعار النفط حان الوقت لمراجعة التأثير والمحاذير. قبل الدخول في التأثير والمخاطر والتوصيات لابد من وقفة على طبيعة وتوزيع الأصول في المحافظ الخاصة.

الأصول لدينا في الغالبية في الأسهم والعقار ـــ هنا ينتهي التبسيط ويبدأ التعقيد : تبلغ القيمة السوقية للأسهم حوالي تريليوني ريال، بينما يصعب قياس سوق العقار غير المتجانس لظروف موضوعية، ولكن هناك إجماعا على قبول أن ما يملكه القطاع الخاص من العقارات أكثر من عشرة أضعاف قيمة الأسهم. هناك تفاصيل أكثر في العقار، فهناك عقار يدر دخلا وهناك عقار مضاربي، وهناك عقار استثماري، وهناك عقار غير قابل للتداول السريع مثل المنازل الخاصة، وأخيرا هناك تطابق بين هذه الأنواع، كما أن هناك سياسات عامة مؤثرة.

هناك اختلافات نادرا ما تعطى حقها بين العقار والأسهم: الأسهم أكثر سيولة "السيولة هي القدرة على تحويل الأصل إلى نقد". من اللافت في إدارة الأصول أن تسعير السيولة في العقار مغيب ("الاقتصادية"، للكاتب: لماذا الغالبية لا تسعر السيولة 2013/1/15 ).

هذا الاختلاف في التسعير كشف المستور في الأسهم وأخفى غير المستور في العقار ولو لحين. سجل مؤشر الأسهم خسارة 4 في المائة لعام 2014، بينما بدا التنفيذ على العقار في تناقص منذ أكثر من عام ويلاقي البائع صعوبة. ما يجعل التحليل عصيا هو طبيعة الاقتصاد الكلية، فالمرحلة الدورية للنفط تقود مصروفات الحكومة، النفط سلعة دورية تتذبذب طبقا لمنطق قد يعصف بأسعار الأصول في الوقت الخطأ للكثير. هذا الإسقاط العام من خلال مصروفات الحكومة يبعدنا كثيرا عن الأساسيات في التحليل وتغلب المتاجرة وحتى المضاربة في أغلب الحالات.

هذه البيئة تجعل أدوات التحليل غير مناسبة في أوقات كثيرة لأن الصورة العامة أكبر تأثيرا من الصورة الخاصة ـــ قد تكون الشركة جيدة جدا ولكن الصورة العامة أقوى. حين تكون الصورة العامة أهم يكون الهاجس النفسي قريبا ما يعزز التذبذب مهما كان الاتجاه. العلاقة بين الأصول وأسعار النفط ستستمر لحين إيجاد نموذج اقتصادي مختلف. تحاول الحكومة تخفيف حدة الدورة بالمحافظة على مستوى مستقر من المصروفات، كما عبرت الميزانية وتراكم الاحتياطيات. ولكن هذه سياسة مالية في الجوهر، وبالتالي تتضمن استحقاقات اقتصادية معتبرة ولكنها ليست سياسة اقتصادية لبلد ينقصه الكثير في الإدارة الاقتصادية.

المحصلة أن على المستثمر التفريق بين توزيع الأصول وتنويع المخاطر ـــ الفرق بينهما كبير. فقد يعتقد المستثمر أنه بالتوزيع بين الأسهم والعقار والسندات قلل المخاطر، ولكنه قد يكون أخذ مخاطر أعلى من خلال هذا التوزيع. فمثلا ممكن أن تكون المحفظة 60 في المائة في الأسهم والبقية في عقار يدر دخلا أو سندات، ولكن قد تجد أن 90 في المائة من المخاطر تأتي من الأسهم، فيكون توسيع الأصول غير مترادف مع تنويع المخاطر.

على المستثمر بذل جهد أكثر في معرفة، ليس طبيعة الأصول فقط ولكن معرفة أنماط العلاقات المستقبلية بينهما وبين سوق وآخر "اختلاف الأصول والعلاقة بين الاستثمار المباشر وغير المباشر والعلاقة مع الأسواق الخارجية"، فمثلا تمتلك شركة غاز بروم الروسية نحو 20 في المائة من احتياطيات الغاز في العالم، ولكن قيمة الشركة في السوق تعادل نحو 8 في المائة من قيمة "أبل"، ولدينا شركات تأمين كرتونية يسعرها السوق بمئات الملايين ــــ شكرا لمؤسسة النقد.

أحد العوامل المؤثرة في المدى المنظور أسعار الفائدة التي قد تبدأ في الارتفاع في منتصف هذا العام بعد نزول استمر منذ 2006. التأثير في الأصول الثابتة التي لا تدر دخلا يكون غالبا أكثر، إذ يتبع ذلك أنه في حالة استمرار أسعار النفط على هذا المستوى ولمدة معتبرة قد يكون التأثير في العقار أكثر ضررا من الأسهم ، فالأسهم عملت تصحيحا موثقا، كما أن أغلب الأسهم تدر دخلا، بينما أغلب العقار لا يدر دخلا.

ليس هناك حل سحري ، فعلى المستثمر البحث عن استراتيجية وانضباط مناسبين له. يذكر رئيس الاقتصاديين في بنك سويسري أن ورن بفت يركز على شركات مختارة للمدى البعيد دون النظر إلى الصورة الاقتصادية العامة، بينما يمارس جورج سورس نموذجا آخر بالتركيز على الصورة العامة للاقتصاد الكلي، وكلاهما ناجح بالتركيز على نموذج محدد وانضباط مهني. القفز من رأي إلى آخر من خلال المجالس والتركيز على جزئيات وإشاعات ليس استراتيجية أو انضباطا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي