.. وماذا بعد إلغاء الصكوك؟
خطوة جميلة تلك التي قامت بها وزارة العدل أخيرا بإلغاء عديد من الصكوك لأراضٍ حكومية بمساحات شاسعة توازي مساحة بعض الدول، وإعادة تلك الأراضي المستولى عليها إلى أملاك الدولة.
في الرياض وحدها بلغت مساحة الأراضي المستعادة أكثر من 500 كيلومتر مربع، وهناك خطوات أخرى تقوم بها الوزارة في عدد من المدن السعودية لاستعادة أراض تم السطو عليها على مدى سنوات ماضية.
الخطوة جميلة ــ كما أسلفت ــ وقضت على فساد تضرر منه البلاد والعباد وله اليد الطولى في ارتفاع أسعار الأراضي إلى أرقام فلكية أسهمت بشكل مباشر في الأزمة الإسكانية التي تعانيها السعودية، ولكن ثمة سؤال يجول في خاطري وأنا أقرأ كل خبر عن استعادة تلك الأراضي .. ماذا عن الفاسدين والمشاركين بشكل مباشر وغير مباشر في عمليات السطو تلك؟
فعلا ماذا تم بشأنهم أو سيتم بشأنهم فهل ما زالوا طلقاء ولم يقدموا للشرع للاقتصاص منهم؟ لا خبر ولا تصريح واحدا يتحدث عن هؤلاء، فمن سطا وأسهم في السطو من كتاب عدل وغيرهم "مجرم" أجرم في حق الوطن والمواطنين، ولن أبالغ لو وصفته بـ "لص" يستحق العقاب والمقاضاة كبقية اللصوص.
أيضا ثمة سؤال وجيه لم تجب عنه وزارة العدل بعد، ماذا عن الأراضي التي سلبت وتم الاستيلاء عليها وتخطيطها وتقسيمها وبيعها وقبض ثمنها، ماذا عن تعويض من اشتراها بحر ماله وأقام عليها مشاريع كلفته الملايين؟ كيف سيتم تعويضهم .. هل ستتحمل الدولة تلك الأخطاء أيضا كما حدث مع مديونية شركة الكهرباء، التي كلفت الدولة قبل أشهر 2.7 مليار ريال؟! خطوة وزارة العدل بإلغاء الصكوك وإعادة الأراضي "المنهوبة" للدولة لا تكفي ويجب أن تعقبها خطوات، من أهمها محاسبة هؤلاء الجناة سواء العقاريين والتجار الذين سطوا على الأراضي أو كتاب العدل الذين أسهموا في أكبر قضية "فساد" عرفتها السعودية طوال تاريخها.
أيضا هناك أمر مهم وهو ضرورة تسليم تلك الأراضي إلى وزارة الإسكان وتوزيعها على المواطنين لحل الأزمة الإسكانية، خاصة أن بعض التقارير الصحافية التي أفصحت عن أن تلك الأراضي المستردة تغطي حاجة أكثر من 15 مليون سعودي، ما يعني في حال توزيعها حلا تاما لأزمة السكن وهو ما تسعى إليه الدولة مشكورة.