تأثير انخفاض أسعار النفط في الطاقات المتجددة
إن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يتزايد مع مرور فصل الشتاء. وقد انخفض سعر النفط الخام انخفاضا كبيرا بسبب التوسع في الإنتاج العالمي مع تراجع الطلب. ووفقا لمحللين فمن المتوقع أن تشهد أسعار النفط مزيدا من الانخفاض، وربما لا يمكن توقع انتعاش الأسعار قبل حلول عام 2016. ومن المرجح أن تؤثر وفرة النفط منخفض السعر سلبا في أسواق الطاقة المتجددة.
وعادة ما تؤثر أسعار الوقود الأحفوري المنخفضة في موارد الطاقة المتجددة مثل الكريبتونيت. وفي القرن الحادي والعشرين تغيرت ديناميكيات سوق الطاقة. ووفقا لأحد كبار محللي السوق فإن انخفاض أسعار النفط لن يكون له أي صلة بأسعار الطاقة المتجددة. ولا يشكل الأمر قضية كبيرة بما يدعو إلى النظر في الأسعار الحالية للطاقة المتجددة. حيث يعتقد أن الطاقة الشمسية تتنافس بفاعلية مع الطاقة المولدة بوقود بالديزل.
إلا أنه في الشرق الأوسط قد يكون للأمر بعض الأهمية. فالمتفائلون في الوقت الراهن يبدون قانعين بمعتقدهم أن "ضوء الشمس مجاني في الأساس". وهم يرون أن الطاقة الشمسية طاغية وفريدة من نوعها وذات قيمة، بما يعطيها أفضلية تنافسية على الديزل أو الفحم أو الغاز الطبيعي بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري. وقد أدى انخفاض أسعار النفط بالفعل إلى التأثير في استخراج النفط الصخري وأعمال الحفر الاستكشافي البحري.
ووفقا لبعض الحسابات المتفائلة فإن تكلفة الطاقة المتولدة من محطات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح تتزايد تنافسيتها مع الوقود المستخدم تقليديا لإنتاج الكهرباء مثل الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية، بل وحتى من دون الدعم في بعض الأسواق. فطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من أنواع الطاقة المتجددة تتنافس مع أسعار الكهرباء وليس النفط.
ومن الناحية الواقعية إذا حدث انخفاض كبير بنسبة 25 في المائة في سعر برميل النفط، فمن المتوقع ألا يلحق ذلك ضررا بالطلب على مصادر الطاقة المتجددة في السوق إلا قليلا. إن التسويق واسع النطاق لمصادر الطاقة المتجددة ذات إمكانات كفاءة الطاقة العالية لا يزال يبدو بعيدا لعقود مستقبلية. وقد نتفق على أن أسعار النفط قد انخفضت نتيجة لانخفاض الطلب، الذي يعود بدوره مرة أخرى إلى الانكماش الاقتصادي العالمي العام. ولكن ما يجب فهمه هو أن الانكماش الاقتصادي يعني تراجع الاستثمار في كل شيء وليس فقط في النفط والغاز. ومن غير المرجح أن يقبل المستثمرون في السوق بالمخاطر الكبيرة المحيطة بالتقنيات الناشئة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، عندما تتراجع أسعار النفط مرة أخرى بشكل مفاجئ.
وإذا استمرت أسعار النفط في التراجع، فمن المرجح أنها ستبقى منخفضة لفترة طويلة من الزمن. ومن ثم فسيضطر كبار المنتجين والمستهلكون لإعادة ضبط السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية استجابة لهذه التغيرات الرئيسة في المشهد العالمي للطاقة. وتختلف مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي بشكل كبير من بلد إلى آخر. والزيادات المأمولة في الطاقة المتجددة ستصبح أكثر صعوبة، إذا انخفضت أسعار النفط.
إلا أن الإشارات الإيجابية لا تزال قائمة مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف بشأن أمن الطاقة والتغيرات المناخية. والبلدان النامية تسعى إلى تنويع مزيج الطاقة من خلال محاولة الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما تحاول زيادة حصتها من تطوير تقنيات الطاقة المتجددة واستغلالها في توليد الطاقة. ويتزايد النضج الفني لمختلف تقنيات الطاقة المتجددة أكثر وأكثر، ويجري نشرها على نطاق واسع. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية IEA، يتوقع أن تمثل الطاقة المتجددة ما يقرب من نصف الزيادة في الطاقة المولدة على المستوى العالمي في عام 2035، حيث ستشكل طاقة الرياح والطاقة الشمسية 45 في المائة من هذه الزيادة. ومن المتوقع أن تظل المملكة العربية السعودية لاعبا رئيسا ثابتا في مجال الطاقة.
فهل ستتراجع تقنيات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية وغيرها تحت الضغوط؟ سؤال لن نعرف إجابته إلا بمرور الزمن.