رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشؤون البلدية وخط البلاغات الساخن

تشكل الرقابة على المطاعم نقطة ضعف واضحة في أداء وزارة البلديات في كل المناطق بلا استثناء، وعلى الرغم من الحملات والغرامات التي تحققها بعض الأمانات هنا أو هناك، إلا أنه بشكل عام لم نصل إلى المستوى الذي نطمح إليه في جودة الخدمات المقدمة. وقد أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في كشف كثير من المآسي داخل هذه المطاعم، التي تعتمد في الأغلب على عمالة غير مدربة ومنتجات غذائية رخيصة استغلت ضعف الرقابة فعاثت فينا فسادا.
حتى تلك المطاعم التي بلغت من الشهرة ما بلغت، وكنا نظنها أكثر حرصا على سمعتها، اكتشفنا أنها لا تختلف عن المطاعم الأخرى، كلها تشترك في سوء النظافة، والعمالة المهملة، والأكل الفاسد، وغيرها من الطوام.
إن معالجة هذه الظاهرة ليست بالأمر الصعب في ظل زيادة الوعي، والتفاعل الاجتماعي، ولغة الإعلام الجديد التي يمكن خداعها أو الالتفاف عليها.
ولعلي أذكّر المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية بالتجربة الناجحة التي خاضتها وزارة التجارة، وأصبحت معها ملء السمع والبصر، وحصدت من الثناء والتقدير الاجتماعي ما توفيه الكلمات حقه.
وكان الخط الساخن للبلاغات حجر الزاوية في تجربة وزارة التجارة الناجحة، الذي معه تحول المواطنون إلى شركاء في الرقابة والمحاسبة، واستطاعت "التجارة" أن تضع حدا للانفلات السوقي، وما حمل معه من حيل متعددة، واستغلال واضح من أصحاب المتاجر للمواطن المغلوب على أمره.
لقد أصبح الخط الساخن على مدار الساعة بتقنية عالية تسجل كل البلاغات بدقة وحرفية وبمساندة من الموقع الإلكتروني وبإشراف فريق عمل عالي التأهيل، حريص على تتبع كل بلاغ بمهنية غير مسبوقة، يعقبها تحرك ميداني للمواقع المخالفة، وإبلاغ المواطن باستعادة حقه والعقوبة المناسبة للمخالفة سواء بالإنذار، أو الغرامة، أو الإغلاق.
والأجمل أن المواطن هو من يغلق البلاغ بنفسه، فلا يستطيع أحد أن يتجاهل بلاغه، أو يتحايل عليه، فالنظام الإلكتروني مكشوف أمام الجميع.
لقد ظن الجميع في البداية حين دشنت وزارة التجارة تجربة الخط الساخن للبلاغات أن الأمر مجرد إجراء روتيني أو للاستهلاك الإعلامي، ولما كان الأمر جديا انهالت الاتصالات من كل مكان لتفضح آلاف المخالفات لمجموعة من التجار الجشعين، وكان الحزم في تطبيق النظام هو الرادع لمثل هؤلاء.
وبلغة الأرقام بلغ إجمالي البلاغات الواردة إلى مركز البلاغات في وزارة التجارة ضد المنشآت التجارية خلال ثمانية أشهر وعشرة أيام 110,731 بلاغا، تصدرت الرياض مدن المملكة 43878 بلاغا، ثم جدة 16332 بلاغا، ثم الدمام 5504 بلاغات، منها 8500 بلاغ لعدم وجود بطاقة سعر على المنتج، و4,588 شكوى من عدم إرجاع منتج ، و4,734 شكوى عدم وجود المحتويات باللغة العربية على المنتج، 7,970 شكوى من زيادة الأسعار.
هذه الأرقام تعكس نجاح التجربة وتفاعل وثقة المواطن متى ما وجد النية الصادقة والعمل الجاد.
هناك بعض الأرقام المخصصة للبلاغات في البلديات، ولكنها تفتقد المهنية، وأغلب الأوقات لا ترد على الشكاوى، وإذا ردت لا يكون الإجراء الميداني بحجم الشكوى، ولهذا أهيب بوزارة الشؤون البلدية المبادرة إلى تنفيذ مثل هذه التجربة، وإيجاد رقم موحد مرتبط بالرقابة الميدانية، يتمكن المواطن من خلاله من الشكوى والمشاركة في تفعيل الرقابة على قطاع المطاعم؛ للحد من المخالفات المتكررة والاستغلال المتزايد للمواطن.
ما الذي يمنع أن تستفيد وزارة الشؤون البلدية من خبرة وزارة التجارة وفريق عملها، الذي يرصد كل شكوى وبلاغ ويتفاعل معها ميدانيا بشكل عاجل؟ الأمر لا يحتاج سوى إلى العزيمة والإرادة لنودع هذه الفوضى التي عمّت قطاع المطاعم، مثلما ودعنا فوضى المتاجر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي