رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ميزانية الأرض المعمورة والتنمية المستدامة

استطاع مهندسو الميزانية في وزارة المالية أن يصمموا بنود الميزانية بخبرة من يسـتطيع أن يستوعب كل المتغيرات والتغيرات المحلية والدولية.
ولذلك روعي في وضع ميزانية الدولة التقديرية للعام المالي 2015 كل الظروف الصعبة التي سـيواجهها الاقتصاد الدولي بعامة، والاقتصاد السعودي بخاصة.
إن المتابع لأرقام الميزانيات الحكومية في المملكة للسنوات العشر الماضية يجد أنها تعكس المعطيات الاقتصادية لكل سنة من تلك السنوات العشر، التي ارتبطت بشكل كبير بتحركات أسعار البترول صعوداً وهبوطاً وبأسعار الدولار عملة تسعير النفط، وهذا الارتباط تعكسه حقيقة كون النفط المصدر الرئيسي للدخل الوطني السعودي، حيث إنه يمثل ما نسبته 90 في المائة (تقل أو تزيد) من إيرادات الدولة، كذلك تمثل الصادرات النفطية نحو 75 في المائة من صادرات المملكة، التي تمثل بدورها نحو 10 في المائة من حجم الطلب العالمي على النفط. لقد كان تقدير سعر برميل البترول المستهدف في ميزانية 2013 مبلغ 60 دولاراً، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الحيطة والحذر حتى لا نقع في فخ الانخفاضات غير المحسوبة.
وبقراءة متأنية للأرقام الواردة في الميزانية نجد أن الميزانية هي محاولة لاسـتمرار تنفيذ برامج ومشاريع التنمية المستدامة رغم كل المصاعب التي يتوقعها خبراء صندوق النقد الدولي في العام المالي 2015. وتتوقع الميزانية بأن تحقق إيرادات الدولة مبلغ 715 مليار ريال، والنفقات 860 مليار ريال مسجلة عجزاً للمرة الأولى منذ عام 2009 بقيمة 145 مليار ريال، كما خصصت الميزانية لقطاع التعليم 217 مليار ريال، وخصصت مبلغ 160 مليار ريال للخدمات الصحية والاجتماعية، كذلك خصصت 40 مليار ريال للخدمات البلدية و63 مليار ريال لقطاع التجهيزات الأساسية والنقل و61 مليار ريال لقطاعات المياه والصناعة والزراعة وقدرت الميزانية القيمة الإجمالية المتوقعة للصادرات السلعية خلال هذا العام المالي مبلغ 1.376.197.000.000 ريال، بينما قدرت الميزانية القيمة الإجمالية المتوقعة للواردات السلعية مبلغ 574.089.000.000 ريال ويتوقع أن تشهد الصادرات السلعية غير البترولية زيادة نسبتها 3.9 في المائة عن العام الماضي.
وبهذا تشير المعلومات الواردة في بيان وزارة المالية إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق الفعلي لعام 2014 إلى 1122 مليار ريال، بزيادة كبيرة نسبتها 15 في المائة عن الإنفاق الفعلي للعام السابق، وهذا يشير إلى وجود تراخ في القيود المالية على الإنفاق وسياسة مالية توسعية مبالغ فيها، وقد شهد الميزان المالي عجزا ماليا قدره 54 مليار ريال حسب بيان وزارة المالية، وهذا العجز لا يشمل الإنفاق من الحسابات المفتوحة لبعض المشاريع، ولو أضيف الإنفاق من هذه الحسابات لإجمالي النفقات لبلغ العجز المالي 76 مليار ريال في عام 2014.
من جهته، أكد وزير المالية إبراهيم العساف، أن ميزانية المملكة لهذا العام احتوت على كثير من المشروعات التنموية في جميع القطاعات، مشيراً إلى استمرار النمو الاقتصادي نتيجة لهذه النفقات التنموية التي ستعزز مسارات التنمية.
وقال بشكل عام الميزانية متوازنة بين المصروفات والإيرادات، وهي استمرار للميزانيات السابقة- الحمد لله- حيث احتوت هذه الميزانية على كثير من المشروعات التنموية في جميع القطاعات، سواءً التعليم أو الصحة أو البنية التحتية وغيرها، وإن شاء الله يستمر النمو الاقتصادي نتيجة لهذه النفقات التنموية التي ستعزز مسار التنمية في المملكة، وأوضح أن مشروعات الإسكان خصص لها مبلغ 250 مليار ريال، مبيناً أن الصرف على هذه المشروعات ليس له علاقة بميزانية كل عام، حيث إن المبلغ موجود في مخصصات مشروع الإسكان، وأنه لن يتأثر بأي تطورات سلبية لا سمح الله في الميزانية.
إن الأرقام التي حفلت بها ميزانية العام المالي تؤكد أن الدولة ـ حفظها الله ـ تريد أن تسارع الخطى في استكمال تنفيذ مشاريع البنى التحتية.
بمعنى أن الميزانية تعتبر برنامج إنفاق استثماري امتداداً لبرنامج السنوات السابقة، وهدفه تعزيز تنفيذ البرامج، التي تهدف إلى رفع معيشة الإنسان السعودي ودفعه إلى مستوى أعلى من الرفاهية.
إن الاستمرار في اعتماد هذا الحجم من الإنفاق الحكومي نحو الاستثمار الوطني سيزيد من حيوية ونمو الاقتصاد الوطني ويوسع قاعدته الإنتاجية، ولا سيما نحن ما زلنا في زمن الأزمة المالية العالمية.
وما يلفت النظر هو أن الشعار، الذي سبق أن رفعه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز بأنه لا عذر أمام الموظفين الحكوميين بعد أن وفرت الدولة لهم المال اللازم. هذا الشعار أصبحت له دلالاته الموضوعية في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، ولذلك ناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الوزراء مخافة الله في أعمالهم وحرصهم على الإخلاص لله ثم للوطن وكررها ثلاثاً، كذلك أوصى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الوزراء بالإخلاص في خدمة المواطن في أي مكان في الداخل والخارج.
ومع أن الإدارة السعودية حققت أشواطا إيجابية باتجاه تنفيذ بعض المشاريع النائمة إلا أن العديد من المشاريع المعتمدة في ميزانية العام الماضي تعثر تنفيذها بسبب ترهلات إدارية في بعض قنوات المؤسسات الحكومية التي ما زالت تورط نفسها في تعقيدات الإجراءات الروتينية التقليدية، كما أن عجز الكثير من المؤسسات عن تحقيق تقدم ملحوظ في مشاريع الحكومة الإلكترونية تسبب في بطء تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية. والأمل في أن يتم تجاوز كل المعوقات، التي تحول دون تحقيق ما تم اعتماده في السابق.

كاتب اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي