رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فوضى النهاية

أيام وتنتهي السنة الميلادية التي تقف عندها حسابات معظم الشركات، تقف ويتم ترتيبها واستعراضها وتمحيصها من عدة أطراف على عدة مراحل. يتم استغلال هذه النهاية الزمنية المحاسبية حتى تسهل السيطرة ويتيسر فهم الأداء. لهذا السبب يدور الصخب عند الاقتراب من نهاية السنة حول مواضيع تتعلق بتوقيت العمليات التي تستحق التسجيل والرصد، تماما كما أثيرت أخيرا قضايا الاعتراف المبكر بالإيرادات، ومواضيع ومؤثرات أخرى كثيرة نستعرض بعضها هنا.
إضافة إلى أسئلة مثل: "هل نستطيع أن نسجل هذه العملية في هذه السنة؟" تحضر العديد من الأسئلة والقضايا الأخرى التي تثار بطريقة طبيعية في محاولة إيجاد أنسب نتائج العرض والإفصاح لقراء القوائم المالية. تتأثر هذه القضايا بالثقافة المحاسبية للإدارة وبكفاءة المحاسبين ونظم المعلومات داخل المنشأة إضافة إلى نتائج الأداء الحقيقية على أرض الواقع والأوضاع الاقتصادية الراهنة.
تأتي البداية أحيانا من السؤال: "متى يجب أن تُقفل الدفاتر؟". يشكل جواب هذا السؤال ضغطا كبيرا على مختلف أقسام وإدارات الشركة وبالأخص الإدارة المالية التي تعيش حينها في حالة استنفار شامل. تختلف عادات الإقفال السنوي حسب ثقافة المنشأة والمتطلبات النظامية وتطلعات قراء القوائم المالية، وقد لا تظهر هذه الاختلافات بسهولة للأطراف الخارجية ولكنها تتجسد أحيانا عندما تحصل الأخطاء. تؤثر سرعة إتمام الدورة المحاسبية التي تنتهي بعد نهاية السنة بأسابيع أو أشهر - وأحيانا قبلها بأيام - على سلاسة وجودة العمل المعلوماتي المحاسبي. وفي غياب المحاسبين الأكفاء والحلول الآلية المتكاملة والإدارة المنضبطة تتحول آخر أيام السنة وربما أسابيع أو أشهر من السنة التالية إلى حالة فوضى مليئة بالإلحاق والترقيع والتعديل وبكل تأكيد لذلك ما يتبعه من الأخطاء والتعثر.
يظن الكثيرون أن المخصصات هي لعبة التقديرات الأهم خلال نهاية السنة المالية، وهذا غير دقيق حيث إن إجراءات المحاسبة مليئة بممارسات التقدير الأخرى الذي تسعى المعايير المحاسبية إلى ضبطها. لهذا لا يشكل العذر الذي يستخدمه الكثيرون: "مجرد سوء تقدير" إلا نافذة للهرب من الإهمال وربما الجهل والإهمال الجسيم.
فهم واستيعاب وتطبيق المعايير المحاسبية يشكل دائرة السيطرة هنا، وفي الغالب يبرر بعضهم المشكلة التي يقع فيها بعدم وضوح المعيار أو ضعف تغطيته للعملية التي يريد أن تعكسها دفاتره. لا تغطي المعايير المحاسبية كل حالات الأعمال الممكنة بالمستوى نفسه من التفاصيل، ولكن معظم التقصير يحدث عند تجاهل مبادئ المحاسبة الأساسية الموجودة في هذه المعايير وليس بسبب محاولة معالجة الأمور المشتبهة محاسبيا.
تختلف حوافز وضغوط الإدارة عندما تتغير الأوضاع المالية للشركة، فليس كل ما يحدث وقت الرخاء يحدث وقت الشدة، والعكس صحيح. عندما تتحسن الأرباح يسهل إخفاء المصائب، سواء كانت سلوكيات إدارية كالتبذير في المصاريف أو حتى الفضائح المعتبرة كالغش والسرقة. وعندما تتدهور الأرباح تُستغل البنود الجانبية وتضخم لإخفاء قصور الإدارة وتواضع الأداء.
مهما ربطنا بين المعايير المحاسبية وسلوك الإدارة والواقع التشغيلي للشركة، يظل قارئ القوائم المالية العنصر المؤثر الأهم في جودة التقارير المالية التي تخرج في نهاية العام؛ فالفارق كبير بين سلوكيات التقرير المالي التي تتبعها الإدارة عندما تعلم بوجود قارئ متابع وذكي – وبالأخص عندما يزداد تفاعله ويسأل ويستفسر ويقاضي أحيانا!– وبين سلوكيات التقرير المالي حينما لا يقرأ التقارير أحد، وهذا ينطبق على المستثمرين وأعضاء مجلس الإدارة على السواء.
كما يستعد الطالب لاختبارات نهاية العام، تستعد الشركات كذلك. غير أن عملية التقييم لا تحصل في الشركات في نهاية الموسم كما تقوم بها المدارس، وإنما تستمر طوال العام برصد الأداء الذي يتبع تعلمها. ما يحدث في نهاية العام هو مجرد لحظة توقف يتم خلالها النظر لما حصل خلال العام؛ هي لحظة نوعية وتوقف افتراضي ذكي تحدد فيه الإدارة قدرتها على إدارة ترتيبات النهاية بعناية أو التورط وتوريط الآخرين في الفوضى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي