الوزير الخضيري وتطوير الأنشطة الثقافية
جاء تعيين الدكتور عبدالعزيز الخضيري وزيرا للثقافة والإعلام مبشرا لكثير من المثقفين والمهتمين، فالرجل عرف عنه العمل الدؤوب، والحماس، والرؤية غير التقليدية، في المواقع التي عمل فيها، ووزارة الثقافة والإعلام قبل الوزير الخضيري شهدت أخيرا حراكا متسارعا، وهيكلة لأجهزتها، ومتغيرات إيجابية أبرزها انشاء هيئة للإذاعة والتلفزيون، وهيئة أخرى للإعلام المرئي والمسموع، ربما تحتاج معها إلى مزيد من الوقت لتجسيد رؤيتها الطموحة والتخلص من النفس الحكومي البيروقراطي الذي كان مهيمنا على مفاصلها.
وإذا كانت الثقافة بمفهومها العميق هي واجهة الشعوب والمؤثر الأكبر في حياة المجتمعات، فإن المنجز الثقافي لدينا لا يزال ضعيفا مقارنة بما يضمه وطننا ومؤسساتنا الثقافية والتعليمية من كفاءات، ومواهب، وإبداعات، وأسفر هذا الفراغ عن تصدر المشهد مناشط شعبية، ومبادرات فردية مبعثرة، وغير ناضجة، لا تعبر عن هويتنا الحقيقية ولا تمثل العمق والتنوع الثقافي لأرض الجزيرة العربية مهد الإبداع الإنساني والحضارات.
ولعل السبب الأول في نظري هو وجود مؤسسات ضعيفة وخاملة لم تستطع تقديم ما يطمح إليه الناس من حركة ثقافية نشطة راقية تسهم في التغيير الإيجابي، وتعزز قيمة الفرد والدولة.
وعلى سبيل المثال وجود الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فهاتان الجهتان قدمتا ما تستطيع من جهود خلال السنوات الماضية لكنها اليوم تحتاج إلى إعادة هيكلة ودعم كبير لتقوم بالدور المؤمل منها.
أتمنى من وزير الثقافة والإعلام أن يولي هذا الملف عناية خاصة وهو مطلب لكثير من المثقفين الذين يطالبون بدمج الجهتين وتأسيس مراكز ثقافية عملاقة في كل مدينة تحاكي ما هو موجود في الدول الأخرى وفق تصاميم متميزة يجعل منها واجهات للمدن، ويكون لكل مركز مجلس إدارة من خيرة المثقفين وأمين عام يدير شؤونه المالية والإدارية ويتابع عمل الأقسام التي يحتويها المركز ومنها قسم خاص بالتصوير الفوتوغرافي، وقسم خاص بالمسرح، وآخر للموسيقى وأيضا قسم للنشاط المنبري والمحاضرات، وقسم لأنشطة الفن التشكيلي، وكل ما يكمل ذلك من قاعات، ومكتبة، وأقسام للتدريب، وأخرى لدعم النشر والتأليف، وغيرها، على أن تتنافس أقسام كل مركز لتقديم أفضل ما لديها، ثم تتنافس المراكز الثقافية على مستوى المملكة فيما بينها وفق خطة معلنة بإشراف وزير الثقافة والإعلام يكافئ فيها النشط، ويحاسب المقصر، تجعل من هذه المراكز شعلة لا تهدأ من النشاط والإبداع طوال العام.
في تقديري لو لم ينفذ الوزير الخضيري إلا هذه المراكز الثقافية وفق التصور الذي يطمح إليه المثقفون والمبدعون رجالا ونساء لكان كافيا لأن يضع بصمة لا تنسى في مسيرة التنمية والثقافة، خاصة أنه يعرف جيدا الأثر الثقافي والاجتماعي الذي أحدثه تأسيس مركز المفتاحة الثقافي في أبها إبان عمله وكيلا لإمارة منطقة عسير، فماذا لو كان لدينا مركز مشابه في كل مدينة؟ يا له من حلم!