رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إذا استحالت الحياة فوق كوكبنا .. إلى أين نحن ذاهبون؟

على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي 2014 عقد مؤتمر قمة الأرض، الذي ناقش قضية التلوث وجور الإنسان على الحياة فوق الكوكب، الذي ينعم بالعيش فوقه، ولأن المؤتمر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنه لم يحظ باهتمام إعلامي واسع الأرجاء، بل عقد المؤتمر على "الهامش"، وكان الممثلون في المؤتمر من مستويات دبلوماسية أدنى من المستوى الرئاسي، بل معظم الدول شاركت بمندوبيها الدائمين في الأمم المتحدة.
إن العالم أمام خيار صعب، وهو خيار نكون أو لا نكون، فليس بين أيدينا خيار للعيش فوق كوكب آخر غير كوكب الأرض، وإذا كان لا خيار لنا إلا العيش فوق كوكب الأرض، فلماذا نجور عليه ونخرب بيئته، ونجعل الحياة فوق هذا الكوكب مستحيلة؟!
قبل قمة الأرض التي عقدت على هامش اجتماعات الأمم المتحدة نشرت دورية "نيتشر كلايمت تشينج" دراسة عن المعدلات المحتملة للاحتباس الحراري المتوقع حدوثه في غضون الـ30 سنة القادمة، وتؤكد الدراسة أن معدلات الاحتباس الحراري ستصل إلى مستويات مدمرة إذا استمر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس بنفس النسب المسجلة حاليا، وتناشد الدراسة الإنسان في كل مكان من العالم أن ينهض للدفاع عن كرته الأرضية قبل أن تضيع ويضيع هو معها.
ورغم أن المشهد يبدو وكأنه مشهد مناخي إلا أنه ليس كذلك في المطلق، فهو مشهد لحرب عالمية ضارية، لأن الجفاف حتما سيؤدي إلى تحركات ديموغرافية تستهدف تدمير منظومة الأمن في أوروبا وأمريكا، فارتفاع حرارة الكرة الأرضية من جراء الاحتباس الحراري سيؤدي إلى تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في كل مكان من العالم مسببا فيضانات جارفة تجتاح الكرة الأرضية، ومع تغير الجغرافية السياسية من المؤكد نشوء دول جديدة في حدود جديدة وهويات وطموحات جديدة، ثم يبدأ ميزان القوى في التغير باتجاه الدول التي تتكيف بسرعة أكبر مع المتغيرات المناخية الجديدة، وتكون أهلا للريادة.
ومن ناحيته، فقد صمم عالم المستقبليات الأمريكي جيمس كانتون سيناريو الانهيار الإنساني فوق كوكب الأرض بقوله: إنه بحلول عام 2040 ستدخل الكرة الأرضية في حالة جفاف غير مسبوقة تبدأ في القارة الإفريقية، ثم تندفع إلى قارة أوروبا، وعبرها إلى قارة أمريكا الجنوبية وأجزاء من أمريكا الشمالية، وستكون النتيجة الطبيعية لهذا الجفاف هو انخفاض المحاصيل الزراعية بمعدل يصل إلى نحو 50 في المائة، وهذا من شأنه أن يعرض دول العالم لمجاعة قد تدفع البشرية إلى خوض الحروب من أجل تدبير لقمة العيش!
ويؤكد خبراء البيئة أن الحرارة إذا ارتفعت درجتين مئويتين، فإنها ستؤدي بالضرورة إلى نقص ملحوظ في المحاصيل الزراعية، كما ستؤدي إلى ارتفاع قياسي في درجة الحرارة التي سينجم عنها موجات من الأعاصير المدمرة التي تضر بالحياة على الأرض، وحذر خبراء البيئة بأن جنوب الصحراء الكبرى ستسجل تراجعا بنسبة 10 في المائة في إنتاجها الزراعي الإجمالي، و40 في المائة من أراضيها المخصصة لزراعة الذرة ستصبح غير صالحة للاستخدام بحلول الثلاثينيات من هذا القرن (يعني بعد 20 عاما فقط).
ورغم أن قارتي إفريقيا وآسيا هما اللذان سيدفعان ثمن ارتفاع درجة الحرارة بمعدل درجتين من قوتهما ومن حياتهما، إلا أنهما ليسا المتسببين في ارتفاع درجة الحرارة، وإنما المتسبب هي الدول المتقدمة التي بالغت في استخدام مواد هاتكة بالبيئة وموسخة لها.
إن الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي هي الدول التي خربت كوكبنا الأرضي، والمفروض أن يتجه المجتمع الدولي كله تجاه هذه الدول ويحملها مسؤولية ما جرى ويجري في كوكبنا الأرضي، ويطالبهم صراحة بانتهاج سياسات رفيقة ورحيمة بالبيئة، وأن تكون هذه السياسات معلنة وملزمة ومحددة بتوقيتات ومسؤوليات.
ولذلك يشدد الخبراء على ضرورة إعطاء قضية المناخ أهمية كبيرة في سلم اهتمامات المجتمع الدولي، وإلا فإن زمام السيطرة على معضلة ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض ستكون خارج السيطرة، وكذلك يؤكد الخبراء ضرورة اتخاذ مبادرات جادة وفعالة لمنع ارتفاع درجات الحرارة، فإن الحرارة مرشحة إلى الارتفاع أربع درجات بحلول عام 2080، وعندئذ تكون الكارثة، حيث تعاني كل دول العالم استحالة استمرار الحياة فوق كوكب الأرض!
ونلاحظ أنه منذ مؤتمر ريو دي جانيرو الدولي الأول، الذي عقد في البرازيل في عام 1995 فإن الاجتماعات المتعلقة بالبيئة هي اجتماعات بروتوكولية تتخذ فيها القرارات على استحياء، وترجو وتتوسل الحكومات أن ترفق بالبيئة دون أن تضع حدودا للمسموح والممنوع وتتخذ إجراءات عقابية مباشرة ضد كل دولة تتجاوز هذه الحدود.
إن المسؤولية تطال كل إنسان يعيش فوق كوكب الأرض وتطالبه من موقعه بأن يرفق بالبيئة، وأن يكون من حماتها المسؤولين، بمعنى المطلوب من المثقفين أن يضعوا البيئة النظيفة في مقدمة أعمالهم وأن يكتبوا باستمرار عن البيئة النظيفة، كذلك المطلوب من السينمائيين بأن ينتجوا أفلاما تركز عناوينها على أهمية حماية كوكب الأرض من التلوث، ومطلوب من الصناعيين أن يستخدموا المواد النظيفة في مصانعهم، ومطلوب من مؤسسات التعليم أن يدرسوا الطلاب أهمية نشر الوعي البيئي في المجتمعات، ومطلوب من رجل الشارع العادي أن يحافظ على البيئة النظيفة ابتداء من بيته ومن عمله ومن الشارع الذي يمر فيه والشارع الذي يعيش فيه.
إن العلماء ما فتئوا يحذرون الدول الكبرى ويضعون المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حتى لا تخرج كرتنا الأرضية عن السيطرة، وعندها سنذهب جميعا - لا سمح الله - إلى المصير المجهول!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي