رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المطلوب من الوزراء الجدد .. الإبداع والحلول غير التقليدية

لا يأتي التغيير العميق في مجلس الوزراء هكذا من فراغ، بل يأتي لأسباب سياسية واقتصادية وتنموية واسعة الأرجاء.
ويوم الإثنين الماضي أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ثمانية أوامر ملكية بتعيين ثمانية وزراء جدد لوزارات لها علاقة مباشرة مع الجمهور مثل وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي ووزارة الزراعة ووزارة تقنية المعلومات ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة والإعلام.
ونحن لا نرمي الوزراء السابقين بالتقصير، ولكن التغيير في الإدارة بطبيعته يحقق مرحلة من مراحل تجديد شرايين الإدارة وبالذات في الوزارات ذات الاتصال المباشر مع الجماهير، وتجديد شرايين الإدارة مهم لحملها على زيادة الفاعلية والأداء.
قبيل أسبوع نشر بعض الصحف المحلية أن عدد المشاريع الحكومية المتعثرة بلغ أكثر من أربعة آلاف مشروع في العام المالي 1434/1435، والحقيقة أن هذا الكم الهائل من المشاريع المتعثرة يعرقل ويعطل مسيرة التنمية المستدامة في البلاد.
من القضايا التي يراهن عليها علماء الإدارة، هو موضوع الإبداع في الإدارة، وهو من المشاريع المهمة بالنسبة لجميع المنظمات المحلية والدولية، ولقد أصبح تشجيع الإبداع والحث عليه في مقدمة الأهداف التي يسعى عديد من المنظمات والوزارات في الدول المتقدمة إلى تحقيقها، ولقد ازدادت أهمية الإبداع مع ارتفاع حدة المنافسة بين المنظمات، خاصة المنافسات الدولية التي زادت من حاجة المنظمات إلى الإبداع حتى يظل دورها قائما في ظل التنافسية العالمية، ودون الإبداع فإن المنظمات ستظل أسيرة تخلفها وبيروقراطيتها.
لقد ثبت بأن كل المشكلات التي يعانيها الإنسان .. هي مشكلات إدارية بالدرجة الأولى، وإزاء أهمية الإدارة في حل المشكلات وتحقيق التنمية المستدامة، فإن السياسيين يراهنون على التفكير الإبداعي في مجال الإدارة ويراهنون كذلك على الحلول غير التقليدية.
وتأسيسا على ذلك نستطيع القول إن الإبداع في مجال الإدارة أثبت نجاحه ليس على مستوى المؤسسات والشركات، بل حتى على مستوى الدول، فالبرازيل وتركيا وماليزيا ـ على سبيل المثال ـ خرجوا من أغلالهم عبر الإبداع الإداري والحلول غير التقليدية.
إن الأمل كبير في مجموعة الوزراء الشباب أن يبدعوا في إنجاز المشاريع والبرامج المنوطة بهم، ولذلك نقول إن الإبداع إحدى الوظائف الرئيسة للوزراء الحالمين، ونؤكد أنه لم تعد الإدارة مجرد عمل روتيني، فالوزراء مطالبون بالمبادأة والمبادرة في طرح المشاريع الواعدة على اعتبار أن الوزير هو المبدع الأول، وصاحب الحلم الكبير، ولذلك فإن من أهم خصائص الوزير المبدع هو أن يتمتع بخيال خصب ويرى بخياله الخصب ما لا يراه الآخرون.
إن الإبداع عطاء يتمدد من المبدع ليستفيد منه الجميع، والوزير المبدع هو ذلك الشخص الناجح الذي يتمتع برؤية ولديه رسالة ويحاول أن يسلك أسلوبا يميزه عن الآخرين وهو في طريقه إلى حل المشكلات التي تواجه المجتمع.
وإمعانا في تحليل إمكانات الوزير المبدع، فإن بعض الإحصائيات تقدر أن الوزير المبدع يبذل ما يقرب من 25 في المائة من طاقته في عمله المهني، و25 في المائة في القدرة على التخيل، و50 في المائة من طاقته في تكوين مدخراته الإبداعية التي يستعين بها في طرح الحلول غير التقليدية للمشكلات التي تعرقل مشاريع المجتمع (وما أكثر المشكلات التي تعرقل المجتمع السعودي!).
إن الحاجة إلى الإبداع تظهر عندما يدرك متخذو القرار في الوزارة أو في المنظمة أن هناك تفاوتا بين أداء الوزارة الفعلي وبين الأداء المستهدف.
ونعترف بأن هناك إبداعا لا يقوم به شخص الوزير فحسب، وإنما تقوم به جماعة العمل في الوزارة، ويقول علماء السلوك التنظيمي إن إبداع الجماعة في أي منظمة أكبر من الإبداع الفردي.
إن المحور الجوهري للوزارات المبدعة يقوم من خلال بيئة تنظيمية تعمل على بلورة الاتجاهات الإبداعية في منهج فكري وعملي يتأسس على ممارسات وظيفية تعمل على ترسيخ الإبداع كهدف تنظيمي يجدد نفسه بنفسه، وكلما كانت الوزارة قادرة على تجديد نفسها بنفسها نجحت في كسب الرهان في سوق أصبحت المنافسة فيه شرسة إلى حد بعيد.
وإذا كان التفوق على المستوى الفردي، يرتكز على بناء الثقة بالقدرات الذاتية للفرد، فإنه على صعيد الفريق، من المهم العمل على تطوير لغة مشتركة تعتمد على تحقيق الإبداع والحلول غير التقليدية.
لكن الأهم من ذلك على الوزارات، إذا أرادت الحصول على ثقافة إبداعية أن تتأكد من أن أداء العمل يرتكز على وجود أفراد أكفاء ويتمتعون بثقة عالية بالنفس، إضافة إلى توافر فرص فاعلة ونشطة.
نستطيع القول إن القيادة الفاعلة في الوزارات الجديدة والمتجددة تعتبر بمثابة قوة الدفع الرئيسة لتحريك المنظمات إلى الأمام في عالم يتسم بالتعقيد، وتقع القيادة في المنظمة كالرأس الذكية المتمركزة فوق جسم إداري شامخ.
والقيادة تقوم بمهمة التأثير في الآخرين لتحقيق أهداف محددة، ويجب أن نميز بين القيادة كعملية وبينها كخاصية أو سمة مميزة.
ويقصد بالقيادة كعملية استخدام التأثير غير الناتج عن الإكراه أو الإجبار لصياغة أهداف جماعية أو تنظيمية، وحفز السلوك العام نحو تحقيق هذه الأهداف.
أما القيادة كخاصية فيقصد بها مجموعة السمات أو الخواص التي يتصف بها الأفراد الذين يتمتعون بكاريزماCharisma القيادة.
ومن ثم فإن القادة وأقصد هنا الوزراء الجدد هم الأفراد الذين يمتلكون القدرة على التأثير في سلوك الآخرين دون الحاجة إلى استخدام أي نوع من أنواع الصدمات الكهربائية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي