الأندية الرياضية .. والعمل الخيري المؤسسي
تحدثنا في مجموعة مقالات ماضية عن العمل الخيري المؤسسي، وسيستمر الحديث- بإذن الله- عن التجارب الملهمة في مجال العمل الخيري والتطوعي المؤسسي النابع من قلب المؤسسات الربحية الأكثر نجاحا حول العالم. الحديث في هذا المقال سيكون عن أكثر الفرص تهيئا للنجاح في مؤسسة العمل الخيري والتطوعي. الأندية الرياضية هي مؤسسات مجتمعية تهدف إلى تقديم خدماتها لجميع أفراد المجتمع، من خلال توفير المرافق والمناشط الملائمة للشباب لاستغلال أوقات الفراغ وتنمية روح الإبداع والاستفادة من طاقات الشباب. لا شك أن هذا الهدف قد أصابه شيء من الإهمال، وأصبحت الرياضة في وقت سابق تتمثل في عدد محدود من الأنشطة التي تقدم الترفيه الرياضي، مع إهمال كبير لمفهوم المشاركة أو المسؤولية تجاه المجتمع، حتى أضحت نوعا من البروز المجتمعي، يحقق أهدافا ومكاسب شخصية أكثر من الفوائد المجتمعية، وهذا التصرفات نشاز عن الهدف السامي للرياضة، ومع تطور مفهوم المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility وبروز عدد من المناشط في عدد من أنديتنا تدعو إلى تفعيل العمل التطوعي وتسهم بأدواتها وشراكاتها في الوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع، أصبحنا نشاهد كثيرا من الأندية والمؤسسات الرياضية تحاول أن تصل إلى المجتمع من خلال المشاركة الاجتماعية الفعالة. نادي الهلال السعودي من أكثر الأندية في المنطقة تفعيلا للدور المجتمعي، ويحظى باهتمام كبير من إدارة النادي برئاسة الأمير عبدالرحمن بن مساعد وإدارة المسؤولية الاجتماعية بقيادة سعود السبيعي، توج هذا الجهد في كون النادي أول ناد عربي يحقق شرف الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) نظير الدور البارز الذي يقدمه النادي في مجال المسؤولية الاجتماعية.
ما حفزني لهذا المقال دعوة النادي أخيرا الجماهير السعودية للانضمام إلى "فريق الهلال التطوعي". الذي سيسند إليه تنظيم وتنفيذ الأعمال التطوعية بأسلوب مؤسسي ليقدم الأعمال الاجتماعية والإنسانية في جميع مناطق المملكة.
في وقت ماض رأينا مجهودات شباب الوطن في تأسيس بعض المؤسسات التطوعية مثل مؤسسة "أولاد الرياض"، التي قدمت العمل التطوعي بروح إبداعية، وأسهمت في كثير من المناشط والمحافل على مستوى منطقة الرياض. ظهور مؤسسات العمل الخيري من خلال المؤسسات الجماهيرية سيحقق عديدا من المكاسب أهمها، المساهمة في محاربة التعصب الرياضي، وتفعيل دور الرياضة في تحسين الأخلاق. من المكاسب المهمة أن المؤسسات الرياضية حاليا تخضع لنظام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأصبحت ملزمة بتحقيق متطلبات التسجيل والإفصاح عن الأموال والأعمال التي تقدم من خلال هذه المؤسسات، وهذا سيمكن المؤسسات الداعمة من المشاركة في دعم المشاريع التطوعية المنفذة. من المكاسب أيضا أن هذه المؤسسات الرياضية تحظى بتغطية إعلامية وجماهيرية هائلة ستسهم في إيجاد وعي ومشاركة في العمل التطوعي وانتشاره. المؤسسات الرياضية ستفتح المجال أمام جميع الطاقات البشرية للتفاعل وتنتج بشكل أكثر فاعلية دون إقصاء.
ختاما.. هذه دعوة للرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الاهتمام بهذا المجال الذي أصبح مغريا لكثير من المؤسسات الرياضية لتسهم في بناء ثقافة مجتمعية فاعلة، وتحقق مكاسب للوطن والشباب بشكل مباشر، حتى نطور من هذا التوجه ونعظم مكاسب الوطن من خلال مؤسساته الشبابية.