رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


رفض السعوديون خفض الإنتاج .. فما السبب؟

قال المهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي للصحفيين الخميس الماضي، إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لن تخفض إنتاجها من الخام. وقال النعيمي للصحفيين ردا على سؤال بخصوص ما إذا كانت "أوبك" قررت عدم خفض إنتاج النفط "هذا صحيح". جاءت تصريحات النعيمي عقب اختتام اجتماع "أوبك" الذي استمر خمس ساعات. والإعلام يقول إن وزير البترول السعودي هو صاحب القرار في اجتماع "أوبك" التاريخي الخميس الماضي.
قرار عدم خفض الإنتاج الذي يبلغ قرابة 30 مليون برميل يوميا، جلب مزيد انحدار للأسعار. في ذلك اليوم، وإثر فض الاجتماع، هوت أسعار العقود الآجلة لنفط برنت أكثر من ستة دولارات لتصل إلى 71.25 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ تموز (يوليو) 2010.
من جهته، قال عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة أوبك الخميس الماضي إن المنظمة "لا تستهدف سعرا محددا" وذلك ردا على سؤال عن التطلعات السابقة للسعر عند 100 دولار للبرميل. وخلا بيان أصدرته "أوبك" عقب اجتماعها من أي ذكر لضرورة التزام الأعضاء بهدف سقف الإنتاج الحالي البالغ 30 مليون برميل يوميا. وقد طلب أعضاء "أوبك" من الأمانة العامة للمنظمة متابعة الطلب والعرض في الأسواق العالمية.
الأسئلة كثيرة عن سبب الامتناع عن خفض الإنتاج، عن سبب التركيز على المحافظة على حصص الإنتاج الحالية.
هناك تفسيران: أحدهما ينتشر في صحافة العرب، ويركز على تأويلات تبنى على عوامل سياسية وخدمة أمريكا ونحو ذلك من كلام يناسب كثيرين من العرب، الذين عرفوا بحب التأويلات ونظريات المؤامرات وتخوين أو اعتبار الآخرين المخالفين في الرأي والرؤية مغفلين أو غير منطقيين. وقد تزيد في تغذية هذا التفسير عقلية الحسد لما لدى الغير من خير. ولن استطرد أكثر في بيان هذا التوجه في تفسير الأحداث.
التفسير الآخر منتشر أكثر من الأول في الصحافة الغربية، التي أراها أكثر موضوعية وعقلانية في تفهم المواقف وتفسيرها.
يبنى التفسير الآخر على أن هناك أسبابا موضوعية أو قل اقتصادية وراء هبوط أسعار النفط، وهي بطء النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا، وطفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتحسن سعر صرف الدولار. واستكمالا في فهم هذا التفسير، فإن تلك الأسباب بطبيعتها وقتية. أي أن النمو الاقتصادي الضعيف سيتحسن، وطفرة إنتاج النفط الصخري ستضعف مع انخفاض الأسعار، وتحسن سعر صرف الدولار إلى انتهاء.
بمعنى آخر. خفض الإنتاج سيعمل على تأخير وإطالة أمد الأسباب الاقتصادية السابقة، وهذا ليس في مصلحة دول كالمملكة على المدى البعيد.
من جهة أخرى، هناك تفاوت في ظروف دول "أوبك". دول أفقر، ولكن احتياطياتها أقل، وإنتاج النفط فيها أكثر تكلفة، وهذه الدول تفضل خفض الإنتاج، لأنه الأنسب لخدمة ظروفها. هناك دول على عكسها، وهذه ترى أن مصلحتها في المحافظة على نصيبها في السوق.
يقول الدكتور جاري روس، الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة بيرا الشهيرة "لماذا على السعوديين خفض الإنتاج في الوضع القائم؟ لماذا عليهم دعم إيران أو روسيا أو منتجي النفط الصخري في أمريكا؟ ومن ثم فعليهم القرار: ترك السوق يقرر الأسعار. وحينما تصل السوق إلى توازن جديد، سوف تذهب الأسعار أعلى".
بمعنى آخر، يفسر موقف السعودية بأن هناك حاجة لجعل الأسعار تبقى منخفضة نسبيا على المدى القصير، لأجل ظروف أكثر استقرارا على المدى الأبعد، بأسعار 80 دولارا أو أكثر للبرميل.
الخلاصة أن دولا كالسعودية، ترى أن أكبر خطر يتهدد النفط التقليدي هو فقدانه جزءا كبيرا معتبرا من أهميته مع الوقت. وخفض الإنتاج ليس فعالا في إبقاء أهمية النفط التقليدي. أسعار أقل كفيلة بتصحيح الوضع، كفيلة بخفض سرعة تطوير النفط الصخري، كفيلة بتصحيح سعر صرف الدولار.
بغض النظر عما سبق، هناك سؤال مهم: هل من مصلحة السعودية أن تستمر، وعلى المدى البعيد خاصة، في إنتاج القدر الذي تنتجه الآن؟ سؤال تتطلب إجابته مناقشات عميقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي