رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المنتديات العربية وضعف المخرجات والنتائج

تتعرض المنتديات والورش التي تعقد في كثير من دولنا العربية إلى انتقادات حادة بسبب ضعف النتائج التي تتوصل إليها، وَتُرْمَى هذه المنتديات بأنها تعقد من أجل (الشو) والدعاية، وتتهم بضعف العناوين، كما ترمى بأنها لا تحرص على مشاركة الكوادر المتخصصة ذات الكفاءات العالية.
وفي مجال الموارد البشرية التي تزايدت أعداد الاحتفالات بعقد منتدياتها وورشها، ومع زيادة الأعداد ازدادت الشكوى من أن هذه المؤتمرات أبعد ما تكون عن المساهمة بفاعلية في إنتاج موارد بشرية قادرة على الإبداع والتغيير.
ونكاد نزعم ونقول إنه لا توجد مؤتمرات للموارد البشرية تعود بالفائدة على الموارد البشرية العربية، بل العالم العربي بات يشكو غياب المورد البشري الموهوب المبدع الذي كان من أهم المساهمين والمشاركين في مخرجات القيادات ليس في عالمنا العربي، وإنما المساهمة ببسالة خارج حدود عالمنا العربي.
وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التخلف في تطوير الموارد البشرية العربية غياب القيادات المبدعة في قطاع الأعمال وفي المؤسسات الحكومية، ما أدى إلى فشل كثير من الشركات والمصانع حتى في القطاع العام، فإن كثيراً من المشاريع ما زالت تعرقلها انخفاضات كفاءة المديرين التنفيذيين.
ويقول مختصون إن العناوين والدراسات والكتب التي صدرت باسم الموارد البشرية في العقد الأخير بعالمنا العربي لا تهتم إلا بالشكل ومعظمها تعقد وتنظم من أجل الدعاية، ولذلك فإنها تعاني ضعفا في الإعداد وانخفاضا ملحوظا في مستوى الكوادر المشاركة، وإن مثل هذه المؤتمرات الضعيفة لا تسهم في إنتاج مواهب بشرية واعدة.
إن الجامعات والمؤسسات العلمية مع الأسف لم تعد تحفل بالاهتمام بإعداد الموارد البشرية، وإن مقررات الجامعات تعاني غياب أهم نظريات الموارد البشرية الحديثة، وإن كتب الجامعات العربية تعاني ضعفاً شديداً في علوم المواد العلمية المؤهلة لإنتاج الطالب المدعوم بحشد من المعلومات والتجارب المتميزة.
ويؤكد متخصصون أن أساس تفريخ المواهب هو مقررات علمية جادة وجيدة، وأساتذة يتمتعون بكفاءات، وكتب ودراسات تقود المواهب إلى السباق والتفوق، وقبل ذلك وبعده تنظيم موفق لتوصيل المعلومات إلى قاصديها بأيسر السبل والطرق.
وباستعراض سلسلة الورش التي عقدت أخيراً حاملة عناوين الموارد البشرية سواء في المملكة أو في عواصم بعض الدول العربية نلاحظ أنها تتسم بضعف كبير في الإعداد، وغياب القامات المتخصصة عن المشاركة وضعف العناوين، كما يتسم المشاركون بضعف في إعداد محاضراتهم وغيابهم عن أحدث ما توصلت إليه علوم ونظريات الموارد البشرية العصرية.
ويبني العلماء على الضعف في الدراسات، والضعف في الورش ضعف المخرجات في سوق العمل العربي، وبالتالي ضعف أداء الإدارة وقصورها في مسؤوليتها عن تحقيق النجاح والنهضة.
ولذلك فإن العالم العربي سيعاني في العقود القليلة المقبلة غياب الكفاءات والقيادات والمديرين المبدعين الذين بات لهم شأن كبير في إحداث التغيير وتحقيق النجاح في المال والأعمال وفي التجارب الجادة في مجال الموارد البشرية.
دعونا نأخذ الهند كمثال للدولة التي أعطت للموارد البشرية أهمية كبرى، فإن الحكومة الهندية غيرت القوانين ونظم الاستثمار، وأبعدت كل فاشل وبيروقراطي، وبنت الحكومة الهندية مراكز بحوث بمواصفات عالمية، ثم أرسل وزير الموارد البشرية الشباب الهندي إلى وادي السليكون في كاليفورنيا، مجموعة من العباقرة إلى أفضل عشر جامعات في العالم منها هارفارد وستانفورد وإم آي تي وييل وبريكلي، وبفضل هذا التخطيط التقني في الموارد البشرية تخرج الهند الآن في كل عام من جامعاتها نحو 4000 دكتور حقيقي وليس دكتوراً كرتونياً و35 ألفا من حملة الماجستير التطبيقي، والآن يتميز الخريجون الهنود في هندسة الصواريخ ويتميزون في هندسة الطاقة الذرية وإنتاج الوقود الذري ويتميزون في كتابة برامج الحاسب الآلي، وأصبحوا من جهابذة الحاسبات على مستوى العالم.
واليوم العلماء الهنود هم علماء العالم في معظم الشركات العالمية ويحتلون الوظائف القيادية في كبريات الشركات ذات المكانة والشهرة في عالم تقنية المعلومات.
وإذا جاز لنا أن نعقد المقارنة مع ما نخطط له لمستقبل الموارد البشرية في المملكة فقد صرح في الأسبوع الماضي مدير صندوق الموارد البشرية بتصريح قال فيه إنه يحلم أن يعود إلى الخمسينيات حينما كانت السعودية تصدر مجموعات من البنائين والنجارين والسباكين إلى العراق بدلاً من حالة الاستيراد التي نستوردها بالملايين من بنجلادش والهند والباكستان وسائر دول العالم المتخلف، والحقيقة أنني وقفت أمام هذا التصريح مبهورا، وفكرت بين تخطيط للموارد البشرية جعل دولة الهند تسيطر على سوق التقنية في العالم، وبين مدير تنمية موارد بشرية يكتفي بالقول إنه لا يحلم إلا بتصدير عشرات من البنائين والنجارين والمليسين والسباكين إلى السوق العراقي!
وما نعرفه نحن هو أن عمر مراكز ومعاهد التدريب الفني والمهني في المملكة قد تجاوز 50 عاماً وبلغت الآن الآلاف في كل طول المملكة وعرضها، ومع ذلك إذا أردت سباكاً واحداً، أو بناءً واحداً، أو كهربائياً واحداً، فإنك لن تجد هؤلاء (الوحائد) في سوق العمل السعودي بالسهولة التي تتخيلها!
إننا نعرف جميعاً أن غياب القيادات في أي مجتمع سوف يؤدي إلى تخلف الكثير من البرامج، كما نعرف جميعاً أن القيادات وراء تقدم المجتمعات وتحقيق الطفرات والإنجازات الكبيرة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي