رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«نزاهة» والمفتش مطر

نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً تداوله نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"؛ جاء فيه أن مشروع تصريف السيول في جدة سيتم البدء بتنفيذه قريبا وسيتم الانتهاء منه خلال ستة أشهر فقط، وهو للأمانة، رقم قياسي في تنفيذ المشاريع ليس محلياً؛ بل دوليا أيضاً.
لا شك أن الخبر الذي نُشر غرة ربيع الأول من عام 1400هـ، كان مفرحاً للأهالي في ذلك الوقت، ومدة تنفيذ المشروع تستحق أن تدخل في موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية، ولكنه تحول الآن وبعد 36 عاماً من تنفيذه إلى خبر مبكٍ ومضحكٍ في الوقت نفسه.
لا نشكك إطلاقاً في نزاهة المسؤولين في ذلك الزمن، ولا في شركات المقاولات المشرفة على المشروع "الحلم"، ولا يمكن أن نقول إن المشروع لم ينفذ – كما يتوهم البعض من ضعاف النفوس – بل تم تنفيذه ولكن بطريقة "طبطب" من خلال "شوية" حفريات على "شوية" مواسير مهترئة ومسدودة.
36 عاما مضت على تنفيذ مشروع تصريف السيول في جدة، وما زال أهالي المحافظة يخشون هطول الأمطار، ويرونها كبقية سكان مدن ومحافظات السعودية الأخرى مجرد "كابوس" مزعج ودافع للهلع في وقت يراه سكان الدول المجاورة رحمة ونعمة تغيث البلاد والعباد ولا تغرقهم وتقتلهم، كما يحدث للسعوديين.
لا شك أن الدولة وولاة الأمر ينفقون المليارات على مشاريع التنمية ولا يبخلون أبداً في كل أمر يخدم الوطن والمواطن، ولكن ثمة "فاسداً" أو أكثر يأبى إلا أن يحول تلك المشاريع التنموية إلى "نقمة" بدلا من الأمر الذي نفذت من أجله وهو "النعمة"، مستعيناً برقيب نائم "نومة أهل الكهف".
ومع نومة الرقيب تكفلت السيول، أو كما يحلو للسعوديين تسميتها بـ "المفتش مطر"، بالكشف عن حالات الفساد في المشاريع، إلا أن هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" ما زالت تغض الطرف عن تقاريره، وتركز على أمور تراها أهم كتأخر الموظف عن عمله، واستخدامه للقلم "الحكومي" في أموره الخاصة.
لو أن "نزاهة" قدمت "فاسدا" واحدا للعدالة واقتص منه الشرع والقانون لأصبح عبرة لمَن يعتبر، ولبترت كل الأيادي الفاسدة في البلد، ولكنها لا تفعل فكل عملها مجرد "شوية" شعارات على "شوية" نصائح، متناسية أن الحياة علمتنا أن الفاسد لا تردعه النصيحة؛ بل القانون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي