«فورد الخيرية» .. العمل مع النشطاء للتغيير الاجتماعي
هل المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR التزام أم انتشار فقط؟ سؤال يتردد كثيرا بين الأوساط الأكاديمية والمجتمعية، عندما تتداخل الأهداف، وتنتفي الرسالة السامية لمبدأ العدالة والشراكة المجتمعية يظهر لنا أفراد انتهازيون يحاولون تحوير المبادئ السامية إلى منجزات فردية أو مرحلية، تحقق أهدافهم من ركوب مثل هذه الموجات، وتبقى الشركات التي تحمل عبأي المواطنة والشراكة وحيدة في مواجهة تيارات الإغراق العاتية. شركة فورد أبت أن تكون من الصنف الثاني ووضعت نفسها منذ عام 1936 ضمن الهدف الأول الشراكة والعمل مع النشطاء للتغيير المجتمعي حول العالم، مستفيدة من الانتشار الكبير الذي تحققه الشركة من خلال منتجاتها ذات السمعة الجيدة.
مؤسسة فورد الخيرية Ford Foundation من الشركات التي وضعت المسؤولية الاجتماعية نصب عينيها، واتخذتها خيارا استراتيجيا طويل الأجل، أسست المؤسسة بمنحة من هنري فورد مؤسس الشركة ونجله إدسل فورد ومديرها في ذلك الوقت. مؤسسة فورد بعد وفاة مؤسسيها أصبحت تملك 90 في المائة من أسهم الشركة دون أحقية التصويت، في حين تملك العائلة بقيت الأصوات. في أواسط السبعينيات باعت المؤسسة كامل حصتها من الشركة. لتكون المؤسسة بقوتها واحدة من أهم المؤسسات التطوعية المؤثرة في العالم، التي عملت على مجالات التمكين الاقتصادي والتعليم وحقوق الإنسان، وتفعيل الديمقراطية، ونشر الفنون الإبداعية، والمشاركة في تنمية دول العالم الثالث. تملك المؤسسة عشرة فروع حول العالم منتشرة بين أربع قارات تدير أصولا بقيمة عشرة مليارات دولار، في عام 2011 قدمت هبات ومنح بقيمة 413 مليون دولار. تركز المؤسسة على ثمانية محاور تهتم بقضايا العدالة الاجتماعية وتشمل: الديمقراطية وتفعيل المساءلة الحكومية Democracy and Accountable Government، العدالة الاقتصادية Economic Fairness، الفرص والمنح التعليمية Educational Opportunity and Scholarship، حرية التعبير Freedom of Expression، الجنس، الحياة الجنسية وحقوق الإنجاب Gender, Sexuality and Reproductive Justice، حقوق الإنسان Human Rights، فرص تطوير المدن Metropolitan Opportunity، التنمية المستدامة Sustainable Development.تملك المؤسسة استثمارات بقيمة تتجاوز 11 مليار دولار مقيمة بالقيمة العادلة. وتفتخر بأن لدعمها الأثر الكبير في أكثر من أربعين عالما ممن حصلوا على جوائز نوبل في مختلف المجالات منذ عام 1950م. والمؤسسة عملاقة في العمل الخيري ودعم المسؤولية الاجتماعية من خلال برامج متعددة وطويلة الأجل، وأنشطتها تغطي مساحة كبيرة من احتياجات المجتمعات التي تقدم خدماتها فيها.
مؤسسة ذات باع طويل في مجال خدمة البشرية في كل مكان، تستحق أن تكون أنموذجا للعديد من شركاتنا المحلية والإقليمية التي تساهم على استحياء، أو تتخفى في أهدافها للمسؤولية الاجتماعية خلف أستار العلاقات العامة والتسويق من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية إضافية على حساب المواطنة وخدمة المجتمع وإحداث الأثر المرجو من وجودها.