رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


البيئة التربوية والقرارات الحازمة

وقائع تربوية حدثت خلال الفترة الماضية داخل المملكة وخارجها، أول هذه الوقائع اختناق طالبة داخل حافلة لمدرسة خاصة في أبو ظبي، فجاء القرار حازما حاسما وفي اليوم نفسه، حيث تقرر إغلاق المدرسة وبصورة نهائية على أن تخضع المدرسة حتى نهاية العام الدراسي للإشراف الإداري المباشر من وزارة التربية الإماراتية في شؤون المدرسة كافة، مع اتخاذ الإجراءات كافة الكفيلة بتسهيل انتقال الطلاب إلى مدارس أخرى لمن يرغب.
في المملكة حدثت وقائع عدة وفي أزمنة متقاربة، وفي الفترة نفسها، التي حدثت فيها حادثة الإمارات، إذ في حفر الباطن اختنقت طالبة بسبب الزحام الناجم من التدافع بشبهة وقوع حريق، وفي الرياض مدرسة أهلية تعلن بعد مضي شهر ونصف من بدء العام الدراسي عن حاجتها إلى معلمة رياض أطفال، أما في حوطة بني تميم فقد كسرت طالبة داخل المدرسة، وقد تم تداول الموضوع، وصرح بشأن تشكيل لجنة من إدارة التعليم في المحافظة، التي نفت وجود إهمال من قبل المدرسة، مع اعتراض والد الطالبة على التقرير، أما الواقعة الرابعة فمسرحها محافظة بيشة، حيث صور مواطن سائقا أجنبيا ينقل طالبات في شنطة السيارة، هذه الوقائع قرأناها أخبارا، لكن لا نعلم ما حدث بشأنها بهدف تصحيح الأوضاع، ومحاسبة المقصر بشأنها.
أين الخلل؟! هل الخلل في الأنظمة، أم الخلل في المسؤول المباشر مدير مدرسة، أو مالك، أو إدارة تعليم، أم أن الخلل في الإدارة العليا ممثلة في وزارة التربية والتعليم التي يفترض أنها الحارس الأمين، والقيّم على التربية ليس في الشؤون العامة ذات الصبغة الإعلامية، بل في التفاصيل كافة، مهما كانت دقتها، ومهما بعدت مسافة المكان عن المركز الرئيسي للوزارة.
لم نسمع أن قرارا اتخذ بشأن أي واقعة من الوقائع، فمن المسؤول عن ضياع شهر ونصف على الطالبات في مدرسة أهلية تأخذ رسومها كاملة، في حين لا تقدم الخدمة التي وجدت من أجلها، وسمح لها بذلك؟ وهذا غيض من فيض .. فما نسمعه من ممارسات بعيدة كل البعد عن الممارسات التربوية، الاستعداد يفترض أن يتم قبل بداية الدراسة، وليس بعد مضي شهر ونصف من الفصل الدراسي. قد يقول قائل إن السبب في عدم اتخاذ إجراء بشأن هذه الممارسات هو اتساع مساحة المملكة، وكثرة المدارس، لكن هذا ليس عذراً، فموظفو الوزارة، والإدارات التابعة لها أعداد هائلة، كما أن المدارس تكتظ بالمعلمات والإداريات.
لا أعتقد أن السبب مرده نقص العاملين، لكن البيروقراطية الإدارية، وتجنب تحمل المسؤولية من قبل البعض هما السببان الرئيسان، اللذان بسببهما تضيع الكثير من القضايا، ويكون مصيرها الإهمال لتركن في النهاية في أضابير، وفي دواليب أكثر ما يميزها الغبار.
نقل الطالبات في شنطة السيارة أعتقد أنها مسؤولية المدرسة، والمرور، وأولياء الأمور الذين رضوا، أو سمحوا بأن ينقل أبناؤهم في شنطة السيارة، إذ كيف يسمح بهذه الممارسة التي لا تليق بأي إنسان لما قد يترتب عليها من مآسٍ ـــ لا سمح الله ـــ لو حدث أي حادث.
إن معالجة مثل هذه التصرفات تكون بإعطاء الصلاحيات للعاملين في الميدان، مع وضع الأنظمة الواضحة، والمحددة التي تجعل الطالب، ومصلحته التربوية، والمحافظة على صحته، وحياته هي الأساس، دون مجاملة لزميل أهمل، فمعاقبة مدرسة أو معلم، أو مدير لا تعيب الوزارة، فهذا جزء من دورها المنوط بها. كما أن التخلي عن البيروقراطية القاتلة يبرز قيمة القرارات إذا اتخذت في وقتها، حتى يتم الربط بين القرار والحادثة، ومثل هذه القرارات الحاسمة توجب على الوزارة أن تكون قادرة على تقديم خدمة تربوية ذات مستوى عالٍ تنافس بها المدارس الخاصة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي