رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حديث مع «كيفن» رود

سعدت بالاستماع إلى محاضرة رئيس وزراء أستراليا السابق كيفن رود Kevin Rudd "الشرق الأقصى والشرق الأوسط - دور الصين" في مركز الملك فيصل للبحوث الأسبوع الماضي، ومن ثم سعدت بالجلوس معه شخصيا لمتابعة الحديث مع أحد الزملاء المهتمين. السيد رود خبير ومتابع دقيق للصين وتطورها على مدى الـ 35 سنة الماضية بعد أن درس اللغة والتاريخ الصيني ثم مثل بلاده دبلوماسيا هناك إلى أن أصبح وزير خارجية ثم رئيسا للوزراء، وما زال مهتما كباحث في جامعة هارفرد. لعله أكثر قائد غربي يعرف الصين بدقة ولذلك فإن التعلم منه مفيد. سوف أحاول أن أختصر مجمل حديثه ثم أعرج على ما أرى في مدى تشابه واختلاف التجربتين السعودية والصينية.
تحدث عن عدة نقاط جوهرية لفهم الصين، أولاها أن اهتمام القيادة الصينية ما زال منصبا داخليا، فهاجس القيادة الآن الأخذ بالصين إلى المرحلة الثانية من التقدم بعد أن تمت المرحلة الأولى بنجاح، تحول الصين إلى دولة صناعية وثاني أكبر اقتصاد في العالم. المرحلة الأولى بدأت بإصلاحات اقتصادية صعبة ومعقدة تحت قيادة دنق شأوبنق ومن تلاه إلى أن وصلت الصين إلى الاستعداد للمرحلة الثالثة تحت قيادة شن، التي ستأخذ بالصين إلى أن تكون أكبر اقتصاد في العالم في عام 2020 وإلى مصاف أكثر الدول تقدما مع الذكرى القرنية الأولى لتأسيس الحزب في عام 2049. المرحلة الأولى نقلت الصين من بلد اشتراكي وزراعي إلى صناعي والمرحلة الثانية جعلت من الصين الشريك التجاري الأكبر لنحو 127 بلدا مقارنة بأمريكا لنحو 76 بلدا، كما أن للصين حدودا مع 14 بلدا الأكثر في العالم (روسيا أيضاً لها نفس القدر)، هذه الجوانب تأخذنا للجزء الآخر من حديثه.
العلاقات الصينية الخارجية تتركز على ثلاث دوائر، الأولى تهتم بالعلاقات الإقليمية، حيث الحدود والعلاقات التجارية والأمنية المباشرة. الدائرة الثانية حول طبيعة التعامل مع الصين كقوة صاعدة وأمريكا كقوة مستمرة ومدى إمكانية التعامل بينهما بسلام بعيدا عن الحوادث غير المحسوبة. ذكر أن التجربة التاريخية لا ترحم في هذا الشأن فمن 15 مرة في صعود قوة جديدة انتهت 12 مرة منها بالحرب. الدائرة الثالثة علاقة الصين مع الدول الأخرى، خاصة حيث مصادر الطاقة، إذ إن الصين أصبحت أكبر مستورد للنفط في العالم. لعل المملكة كانت سباقة في هذا الشأن حيث كانت هناك زيارة مبكرة لخادم الحرمين للصين وغيرها من الدول شرق آسيا. لذلك كانت النصيحة أن تهتم المملكة بالعلاقة مع الصين.
مديح السيد رود، خاصة في ظل حضور السفير الصيني لتجربة الصين لم يمنعه من ذكر بعض التحديات، هناك تحديات بيئية، التي يعرفها كل من يزور مدينة صينية كبيرة وتحديات سكانية وعمرية، حيث نتجت سياسة الطفل الواحد عن نقص في النمو السكاني، ما يزيد نسبة المتقاعدين إلى العاملين، ما يؤثر سلبيا في الالتزامات المالية والصحية مستقبلا. كما أن الفساد تحد كبير، حيث ذكر شن أن الحزب لن يستطيع الاستمرار في الحكم إذا كان هناك فساد، وأخيرا مدى صعوبة الانتقال إلى اقتصاد يقوده الإبداع والفكر وليس رخص الأيدي العاملة وحجم الصناعة.
هناك بعض أوجه تشابه بين التجربتين السعودية والصينية ولعل هناك دروسا لنا إذا استخلصنا تجربة الصين العظيمة. فكلا البلدين بدأ من ثقافة عميقة وفخورة ومركزية في محيطها الثقافي والتاريخي، وكلاهما بدأ رحلة التحديث في نفس الفترة التاريخية تقريبا، فالصين بدأت على أثر الثورة الشيوعية في 1949 والمملكة بدأت تقريبا مع بداية الدخل النفطي بعد الحرب العالمية الثانية. مع اختلاف الحجم والنوعية إلا أن المملكة والصين أكملتا المرحلة الثانية بنجاح (أكملت المملكة هذه المرحلة بدرجة من التصنيع وتطوير البنية التحتية والتجربة الإدارية وإشباع الحالة المادية وصول السكان إلى عدد مقبول ومستوى تعليمي قياسا على أهمية المملكة)، إلا أن لدى الصين رؤية واضحة للتعامل مع المرحلة الثالثة بينما ما زالت المملكة تتلمس رؤية للمرحلة الثالثة والأصعب، حيث يلزم التحول من اقتصاد يقوده المال إلى اقتصاد يقوده قوى الإنتاج والتنظيم والحوكمة في الجهاز الإداري لكي ينتقل من أنماط مبنية على العلاقة الشخصية إلى الكفاءة والجدارة لتقدير عمق المسألة. اقرأ (الاقتصادية: مرئيات على أهداف الخطة الخمسية العاشرة، عدد 7673 وتاريخ 14/10/2014).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي