ثقة طفل سعودي
كنت ألقي محاضرة بعنوان "اكتشفي طفلك المبدع" على مسرح جامعة الإمام، وذلك ضمن إحدى الفعاليات الجميلة التي كانت تقيمها الجامعة في الصيف الماضي، وطلبت من عدد من الأطفال الصعود للمسرح لأطرح عليهم بعض الأسئلة التي تخاطب عقولهم لا القشرة الخارجية منها!
وكان من ضمن هؤلاء الأطفال "عبد الإله" سألته: حين تكبر ما الهدف الذي تتمنى تحقيقه؟!
قال: أن أصبح صحافيا، قلت: حسنا، أيها الجمهور الكريم الذي يؤمن بأن "عبد الإله" سيكون صحفيا في المستقبل يرفع يده، فرفع نصف الجمهور أيديهم، فالتفت نحو "عبد الإله" وقلت له: أرأيت نصفهم لا يظنون أنك ستصبح صحافيا!
أجابني بكل ثقة: "والله لو ولا واحد منهم ما رفع يده، ما همني لأني راح أكون صحفي".
وهذا هو الجواب الذي كنت أنتظره من طفل مبدع - ما شاء الله ولا قوة إلا بالله - يتوقد ذكاءً ونباهة ويدرك منذ الآن ما هو هدفه في هذه الحياة، التصفيق الحار الذي أعقب إجابته لا شك أنه أشعر عبد الإله ووالدته وأشعرني بالفخر والاعتزاز، ولكن في المقابل ما يحدث لقتل الإبداع في نفوس أطفالنا أمر يثير الحزن والألم.
"عندك أنشودة يا شاطر؟ تحب ماما أم بابا أكثر؟ تحل واجباتك وتسمع كلام الأستاذ؟".
أسئلة سطحية باهتة لم تتغير منذ عشرات السنين، وكأن عقلية الطفل قبل ثلاثين عاما الذي لم يكن يعرف في عالم التكنولوجيا غير قناة تلفزيونية وحيدة وقصص "المكتبة الخضراء"، هي نفسها عقلية طفل التكنولوجيا حيث الأجهزة الذكية بأنواعها بين أصابعه، والعالم بأكمله مثل نافذة مفتوحة يطل منها على كل ما نريد وما لا نريد.
احترام عقلية الطفل وفتح باب الحوار معه والاستماع له، أصبح أمرا ضروريا تفرضه طبيعة العصر التي نعيشها وقبل ذاك تعاليم شرعنا الكريم، ولو أننا أدركنا كيف كان يتعامل حبيبنا -عليه الصلاة والسلام - مع الأطفال برحمة وحنان واحترام، لخجلنا من سطحية التعامل التي يجدها الطفل الآن في منزله ومدرسته وبيئته.
وخزة
عقلية طفل اليوم ليست هي عقلية طفل الأمس، فهل ندرك ذلك؟
أم نظل نردد ببلاهة: عندك أنشودة يا شاطر؟!