مفهوم الصيرفة الخضراء
المصارف الخضراء هي المؤسسات المالية التي تستخدم التمويل العام للاستفادة منه في تمويل الطاقة النظيفة. فهي مؤسسات تمويل عامة أو شبه عامة توفر دعما ماليا منخفض التكلفة، وطويل الأجل لمشروعات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون من خلال الاستفادة من التمويل العام وعبر استخدام آليات مالية مختلفة لجذب الاستثمارات الخاصة، بحيث يدعم كل دولار واحد من التمويل العام عدة دولارات من الاستثمارات الخاصة.
ومع الاختلاف من دولة لأخرى يمكن للمصارف الخضراء تبني مجموعة متنوعة من الهياكل، والاستفادة من مختلف الأوعية الادخارية العامة، وخلق مجموعة متنوعة من المنتجات المالية. وقد تستخدم المصارف أدوات مالية مثل القروض طويلة الأجل والقروض منخفضة الفائدة، أو صناديق القروض الدوارة، أو منتجات التأمين (مثل ضمانات القروض أو احتياطيات خسائر القروض)، أو الاستثمارات العامة منخفضة التكلفة، أو ربما تصمم منتجات مالية جديدة. إلا أنه في نهاية المطاف فإن جميع المصارف الخضراء ستتميز بعدة خصائص مشتركة هي:
• تحفيز الطلب من خلال تغطية 100 في المائة من التكاليف الأولية من خلال مزيج من التمويل العام والخاص.
• الاستفادة من الأموال العامة من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة نحو أسواق الطاقة النظيفة وكفاءة استخدام الطاقة.
• إعادة تدوير رأس المال العام وذلك لتوسيع الاستثمار الأخضر وعدم المساس بأموال دافعي الضرائب.
• الحد من أوجه القصور في السوق.
• توسيع نطاق حلول الطاقة النظيفة في أسرع وقت ممكن، وتعظيم مكاسب الكهرباء النظيفة ومكاسب الكفاءة المتحصلة نظير كل دولار تنفقه الدولة.
وتسعى المصارف الخضراء إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها زيادة استخدام الطاقة النظيفة، وزيادة كفاءة استخدام الأموال العامة، وتوجيه الأسواق المالية الخاصة الناضجة نحو الاستثمار في الطاقة النظيفة. فهذه المصارف تسعى نحو تعزيز الطاقة الأرخص، والأنظف، والأكثر موثوقية.
وعلى الرغم من أن المصارف الخضراء قد تأخذ أشكالا مختلفة، فهناك عموما ثلاثة هياكل يجب أخذها في الاعتبار: أو لا يمكن للمصرف الأخضر أن يكون قائما بذاته ككيان شبه مستقل، ويسمح هذا الهيكل بأعلى درجات المرونة والاستقلالية. وثمة خيار آخر هو أن يقام المصرف الأخضر داخل هيئة حكومية قائمة. وأخيرا يمكن دمج المصرف الأخضر في مصرف آخر كبير، حيث يمكن تأسيسه كشركة تابعة منفصلة.
ويمكن للمصرف الأخضر الحصول على التمويل الأولي من عدة مصادر عامة. ففي كل من كونيكتيكت ونيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، أعيد توظيف أموال الدولة القائمة (رسوم استخدام الأنظمة)، كما استغلت أرصدة مبادرة الغازات الدفيئة الإقليمية (RGGI) أيضا لتوفير رأس المال الأولي للمصرف الأخضر. وبدلا من ذلك - كما حدث في هاواي - يمكن للدولة إصدار سندات للمستثمرين من القطاع الخاص. ويمكن للمصارف الخضراء أيضا الحصول على المال من العائدات الرأسمالية وعائدات المزادات التجارية ومن المؤسسات الخاصة، بناء على نظام الدولة والنظام القانوني المطبق عند إنشاء المصرف الأخضر. ونادرا ما ينصح باستخدام الاعتمادات الجديدة للموازنة العامة للدولة، ما لم يتبين بوضوح جدوى ذلك في دولة معينة.
وبشكل عام هناك ثلاث مراحل لإنشاء مصرف أخضر جديد تابع للدولة. في المرحلة الأولى يشكل ائتلاف أصحاب المصلحة (مثل منظمات الطاقة النظيفة، والاتحادات التجارية للتقنيات النظيفة، والجماعات البيئية، وهيئات الدولة) قاعدة لدعم المصرف الأخضر. وهذا الدعم بالغ الأهمية للوفاء بالمتطلبات القانونية أو تحقيق التغيير التنظيمي المطلوب لإنشاء المصرف الأخضر بشكل يتفق وصحيح القانون. في المرحلة الثانية يتم تأسيس مؤسسة المصرف الأخضر، بما في ذلك تعيين الموظفين، وبناء القدرات، وتحديد الأهداف، وتقييم الأسواق، وتطوير المنتجات. وفي المرحلة النهائية يبدأ المصرف الأخضر فعلا في الحصول على العملاء، والإقراض في إطار شراكات مع مستثمرين من القطاع الخاص، موظفا صناديق إعادة التدوير من أجل إعادة رسملة المصرف.
وفي الولايات المتحدة تسمح الحكومة بإنشاء المصرف الأخضر في شكل شركة، حيث يمكن أن يكون إحدى الشركات التابعة لبعض الهيئات الحكومية، أو أن ينشأ عبر إعادة تسمية هيئة قائمة. ويكونون رأس المال الخاص بالمصرف عن طريق جمع الأموال. ويكلفونه بمهمة توفير التمويل - القروض، أو الضمانات، أو شراء الديون مقدما – لصالح مشاريع الطاقة النظيفة. والهدف هو توفير تمويل بأسعار فائدة منخفضة وأوقات استرداد طويلة. وتسمح هذه الشروط بتركيب الخلايا الشمسية أو اتخاذ إجراءات كفاءة الطاقة في المباني التي لا يدفع مالكها أي أموال مقدما. ويأتي المردود من الوفر في تكاليف الطاقة الخاصة بالمالك مع مرور الوقت.
ومن الضروري لمختلف الدول إنشاء وتشغيل المصارف الخضراء لتمويل الطاقة النظيفة مع تحولها بعيدا عن الفحم نحو تحقيق معاييرها الخاصة بالطاقة المتجددة. وتستطيع المصارف الخضراء مضاعفة موارد التمويل عشرات المرات، ويمكنها أن تساعد أيضا على خلق فرص عمل في قطاع الطاقة المتجددة.